إحیاء علوم الدین

أبوحامد محمد بن محمد غزالی الطوسی

جلد 7 -صفحه : 161/ 4
نمايش فراداده

الباب الأوّل في وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر

و فضيلته و المذمة في إهماله و إضاعته ويدل على ذلك بعد إجماع الأمة عليه، وإشارات العقول السليمة إليه الآيات، والأخبار، و الآثار

أما الآيات:

فقوله تعالى وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْأُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَهُمُ الْمُفْلِحُونَ

ففي الآية بيان الإيجاب، فإن قوله تعالىوَ لْتَكُنْ أمر و ظاهر الأمر الإيجاب، وفيها بيان أن الفلاح منوط به، إذ حصر و قالوَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

و فيها بيان أنه فرض كفاية لا فرض عين، وأنه إذا قام به أمة سقط الفرض عن الآخرين،إذ لم يقل كونوا كلكم آمرين بالمعروف، بلقال: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ فإذامهما قام به واحد أو جماعة سقط الحرج عنالآخرين، و اختص الفلاح بالقائمين بهالمباشرين، و إن تقاعد عنه الخلق أجمعونعم الحرج كافة القادرين عليه لا محالة، وقال تعالى لَيْسُوا سَواءً من أَهْلِالْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَآياتِ الله آناءَ اللَّيْلِ وَ هُمْيَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَأْمُرُونَبِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِالْمُنْكَرِ وَ يُسارِعُونَ فيالْخَيْراتِ وَ أُولئِكَ منالصَّالِحِينَ

فلم يشهد لهم بالصلاح بمجرد الإيمانباللّه و اليوم الآخر، حتى أضاف إليهالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و قالتعالى وَ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُبَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ

فقد نعت المؤمنين بأنهم يأمرون بالمعروفو ينهون عن المنكر، فالذي هجر الأمربالمعروف و النهى عن المنكر خارج عن هؤلاءالمؤمنين المنعوتين في هذه الآية و قالتعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا منبَنِي إِسْرائِيلَ عَلى‏ لِسانِ داوُدَوَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِماعَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ. كانُوا لايَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُلَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ

و هذا غاية التشديد إذ علل استحقاقهمللّعنة بتركهم النهي عن المنكر، و قال عز وجل كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْلِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِوَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ

و هذا يدل على فضيلة الأمر بالمعروف‏