إحیاء علوم الدین

أبوحامد محمد بن محمد غزالی الطوسی

جلد 14 -صفحه : 210/ 113
نمايش فراداده


  • و من الدلائل زهده فيما يرى و من الدلائل أن تراه باكيا و من الدلائل أن تراه مسلما و من الدلائل أن تراه راضيا و من الدلائل ضحكه بين الورى و القلبمحزون كقلب الثاكل‏

  • من دار ذل والنعيم الزائل‏ أن قد رآهعلى قبيح فعائل‏ كل الأمورإلى المليك لعادل‏ بمليكه فيكل حكم نازل‏ و القلبمحزون كقلب الثاكل‏ و القلبمحزون كقلب الثاكل‏

بيان معنى الأنس بالله تعالى‏

قد ذكرنا أن الأنس، و الخوف، و الشوق، منآثار المحبة. إلا أن هذه آثار مختلفة تختلفعلى المحب بحسب نظره و ما يغلب عليه فيوقته. فإذا غلب عليه التطلع من وراء حجبالغيب إلى منتهى الجمال، و استشعر قصورهعن الاطلاع على كنه الجلال، انبعث القلبإلى الطلب، و انزعج له، و هاج إليه و تسمىهذه الحالة في الانزعاج شوقا و هوبالإضافة إلى أمر غائب و إذا غلب عليهالفرح بالقرب، و مشاهدة الحضور بما هوحاصل من الكشف، و كان نظره مقصورا علىمطالعة الجمال الحاضر المكشوف، غير ملتفتإلى ما لم يدركه بعد، استبشر القلب بمايلاحظه، فيسمى استبشاره أنسا و إن كاننظره إلى صفات العز، و الاستغناء و عدمالمبالاة و خطر إمكان الزوال و البعد.

تألم القلب بهذا الاستشعار، فيسمى تألمهخوفا و هذه الأحوال تابعة: لهذه الملاحظات.و الملاحظات تابعة لأسباب تقتضيها لا يمكنحصرها. فالأنس معناه استبشار القلب و فرحهبمطالعة الجمال، حتى أنه إذا غلب، و تجردعن ملاحظة ما غاب عنه، و ما يتطرق إليه منخطر الزوال، عظم نعيمه و لذته. و من هنا نظربعضهم حيث قيل له: أنت مشتاق فقال: لا.إنما الشوق إلى غائب. فإذا كان الغائبحاضرا فإلى من يشتاق و هذا كلام مستغرقبالفرح بما ناله، غير ملتفت إلى ما بقي فيالإمكان من مزايا الألطاف و من غلب عليهحال الأنس لم تكن شهوته إلا في الانفراد والخلوة، كما حكي أن إبراهيم‏