إحیاء علوم الدین

أبوحامد محمد بن محمد غزالی الطوسی

جلد 14 -صفحه : 210/ 133
نمايش فراداده

الجارية: ما هذا قال هذا مكان قولك آه. وحكي عن محمد بن عبد الله البغدادي قال:

رأيت بالبصرة شابا على سطح مرتفع و قدأشرف على الناس و هو يقول‏


  • من مات عشقا فليمت هكذا لا خير في عشقبلا موت‏

  • لا خير في عشقبلا موت‏ لا خير في عشقبلا موت‏

ثم رمى نفسه إلى الأرض، فحملوه ميتا. فهذاو أمثاله قد يصدق به في حب المخلوق والتصديق به في حب الخلق أولى، لأن البصيرةالباطنة أصدق من البصر الظاهر و جمالالحضرة الربانية أو في من كل جمال. بل كلجمال في العالم فهو حسنة من حسنات ذلكالجمال نعم الذي فقد البصر ينكر جمالالصور، و الذي فقد السمع ينكر لذة الألحانو النغمات الموزونة فالذي فقد القلب لا بدو أن ينكر أيضا هذه اللذات التي لا مظنةلها سوى القلب‏

بيان أن الدعاء غير مناقض للرضا

و لا يخرج صاحبه عن مقام الرضا و كذلككراهة المعاصي، و مقت أهلها، و مقتأسبابها، و السمي في إزالتها بالأمربالمعروف و النهي عن المنكر لا يناقضهأيضا. و قد غلط في ذلك بعض البطالينالمغترين، و زعم أن المعاصي، و الفجور، والكفر، من قضاء الله و قدره عز و جل، فيجبالرضا به. و هذا جهل بالتأويل. و غفلة عنأسرار الشرع فأما الدعاء فقد تعبدنا به، وكثرة دعوات رسول الله صلّى الله عليهوسلّم و سائر الأنبياء عليهم السلام، علىما نقلناه في كتاب الدعوات تدل عليه، و لقدكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيأعلى المقامات من الرضا، و قد أثنى اللهتعالى على بعض عباده بقوله (وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً) و أماإنكار المعاصي و كراهتها، و عدم الرضابها، فقد تعبد الله به عباده، و ذمهم علىالرضا به فقال (وَ رَضُوا بِالْحَياةِالدُّنْيا وَ اطْمَأَنُّوا بِها) و قالتعالى (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَالْخَوالِفِ وَ طَبَعَ الله عَلى‏قُلُوبِهِمْ) و في الخبر المشهور «من شهدمنكرا فرضي به فكأنه قد فعله» و فيالحديث‏[1] «الدال على الشر كفاعله»

[1] حديث الدال على الشرك فاعله: أبو منصورالديلمي في مسند الفردوس من حديث أنسبإسناد ضعيف جدا