إحیاء علوم الدین

أبوحامد محمد بن محمد غزالی الطوسی

جلد 14 -صفحه : 210/ 178
نمايش فراداده

العبد من الشيطان إلا بالإخلاص و لذلك كانمعروف الكرخي رحمه الله تعالى يضرب نفسه ويقول: يا نفس أخلصنى تتخلصى. و قال يعقوبالمكفوف: المخلص من يكتم حسناته كما يكتمسيئاته و قال سليمان: طوبى لمن صحت لهخطوة واحدة لا يريد بها إلا الله تعالى وكتب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، إلىأبي موسى الأشعري: من خلصت نيته كفاه اللهتعالى ما بينه و بين الناس. و كتب بعضالأولياء إلى أخ له: أخلص النية في أعمالكيكفك القليل من العمل. و قال أيوبالسختياني: تخليص النيات على العمال أشدعليهم من جميع الأعمال. و كان مطرف يقول: منصفا صفى له، و من خلط خلط عليه و روي بعضهمفي المنام فقيل له: كيف وجدت أعمالك فقال:كل شي‏ء عملته لله وجدته، حتى حبة رمانلقطتها من طريق، و حتى هرة ماتت لنا رأيتهافي كفة الحسنات. و كان في قلنسوتي خيط منحرير فرأيته في كفة السيئات، و كان قد نفقحمار لي قيمته مائة دينار فما رأيت لهثوابا فقلت موت سنور في كفة الحسنات، و موتحمار ليس فيها! فقيل لي إنه قد وجه حيث بعثتبه، فإنه لما قيل لك قد مات، قلت: في لعنةالله، فبطل أجرك فيه، و لو قلت: في سبيلالله، لوجدته في حسناتك، و في رواية، قال:و كنت قد تصدقت بصدقة بين الناس فأعجبنىنظرهم إلي، فوجدت ذلك لا علي و لا لي، قالسفيان لما سمع هذا ما أحسن حاله إذا لم يكنعليه فقد أحسن إليه. و قال يحيى بن معاذ:الإخلاص يميز العمل من العيوب، كتمييزاللبن من الفرث، و الدم، و قيل. كان رجليحرج في زي النساء، و يحضر كل موضع يجتمعفيه النساء، من عرس أو مأتم، فاتفق أن حضريوما موضعا فيه مجمع للنساء، فسرقت درة،فصاحوا أن أغلقوا الباب حتى نفتش، فكانوايفتشون واحدة واحدة، حتى بلغت النوبة إلىالرجل و إلى امرأة معه، فدعا الله تعالىبالإخلاص، و قال: إن نجوت من هذه الفضيحةلا أعود إلى مثل هذا، فوجدت الدرة مع تلكالمرأة، فصاحوا أن أطلقوا الحرة فقد وجدناالدرة و قال بعض الصوفية: كنت قائما مع أبيعبيد التستري و هو يحرث أرضه بعد العصر منيوم عرفة، فمر به بعض إخوانه من الأبدال،فساره بشي‏ء، فقال أبو عبيد. لا، فمركالسحاب يمسح الأرض حتى غاب من عينى، فقلتلأبي عبيد. ما قال لك فقال. سألنى أن أحجمعه، قلت. لا، قلت، فهلا فعلت، قال ليس ليفي الحج نية، و قد نويت‏