فقال: إن هذا من عبادتى. قال: فإنى لا أترككأن تقطعها. فقاتله، فأخذه العابد فطرحهإلى الأرض، و قعد على صدره. فقال له إبليس:أطلقنى حتى أكلك. فقام عنه، فقال له إبليس: يا هذا إن الله تعالى قد أسقط عنك هذا و لميفرضه عليك، و ما تعبدها أنت، و ما عليك منغيرك و لله تعالى أنبياء في أقاليم الأرض،و لو شاء لبعثهم إلى أهلها، و أمرهمبقطعها. فقال العابد: لا بد لي من قطعها.فنابذه للقتال. فغلبه العابد و صرعه. و قعدعلى صدره، فعجز إبليس، فقال له: هل لك فيأمر فصل بيني و بينك، و هو خير لك و أنفع قال و ما هو قال أطلقنى حتى أقول لك فأطلقه، فقالإبليس. أنت رجل فقير لا شيء لك، إنما أنتكل على الناس يعولونك، و لعلك تحب أن تتفضلعلى إخوانك، و تواسى جيرانك، و تشبع وتستغني عن الناس، قال نعم. قال فارجع عنهذا الأمر، و لك علي أن أجعل عند رأسك في كلليلة دينارين، إذا أصبحت أخذتهما فأنفقتعلى نفسك و عيالك، و تصدقت على إخوانك،فيكون ذلك أنفع لك و للمسلمين من قطع هذهالشجرة التي يغرس مكانها. و لا يضرهم قطعها شيئا، و لا ينفع إخوانكالمؤمنين قطعك إياها. فتفكر العابد فيماقال. و قال صدق الشيخ، لست بني فيلزمني قطعهذه الشجرة، و لا أمرني الله أن أقطعهافأكون عاصيا بتركها، و ما ذكره أكثر منفعة.فعاهده على الوفاء بذلك، و حلف له. فرجعالعابد إلى متعبده فبات، فلما أصبح رأىدينارين عند رأسه. فأخذهما، و كذلك الغد.ثم أصبح اليوم الثالث و ما بعده فلم يرشيئا. فغضب و أخذ فأسه على عاتقه. فاستقبلهإبليس في صورة تشيخ فقال له إلى أين قالأقطع تلك الشجرة. فقال كذبت و الله، ما أنتبقادر على ذلك. و لا سبيل لك إليها. قال فتناوله العابدليفعل به كما فعل أول مرة، فقال هيهات،فأخذه إبليس و صرعه، فإذا هو كالعصفور بينرجليه. و قعد إبليس على صدره و قال. لتنتهينعن هذا الأمر أو لأذبحنك. فنظر العابد،فإذا لا طاقة له به. قال يا هذا غلبتني فخلعنى، و أخبرني كيف غلبتك أولا و غلبتنيالآن. فقال لأنك غضبت أول مرة لله، و كانتنيتك الآخرة، فسخرنى الله لك. و هذه المرةغضبت لنفسك و للدنيا، فصرعتك و هذهالحكاية تصديق قوله تعالى (إِلَّاعِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) إذ لايتخلص