مجاز محض، لا حقيقة له و مهما ثبت ذلكانكشف لكل ذي بصيرة ضد ما تخلية ضعفاءالعقول و القلوب، من استحالة حب اللهتعالى تحقيقا، و بان أن التحقيق يقتضي أنلا تحب أحدا غير الله تعالى.
فأما السبب الأول: و هو حب الإنسان نفسه
و بقاؤه و كماله، و دوام وجوده، و بغضهلهلاكه، و عدمه، و نقصانه، و قواطع كماله،فهذه جبلة كل حي، و لا يتصور أن ينفك عنها وهذا يقتضي غاية المحبة للَّه تعالى، فإنمن عرف نفسه و عرف ربه عرف قطعا أنه لا وجودله من ذاته، و إنما وجود ذاته، و دواموجوده، و كمال وجوده من الله، و إلى الله،و باللّه، فهو المخترع الموجد له، و هوالمبقى له، و هو المكمل لوجوده بخلق صفاتالكمال، و خلق الأسباب الموصلة إليه، وخلق الهداية إلى استعمال الأسباب، و إلافالعبد من حيث ذاته لا وجود له من ذاته، بلهو محو محض، و عدم صرف، لو لا فضل اللهتعالى عليه بالإيجاد، و هو هالك عقيبوجوده، لو لا فضل الله عليه بالإبقاء. و هوناقص بعد الوجود، لو لا فضل الله عليهبالتكميل لخلقته و بالجملة فليس في الوجودشيء له بنفسه قوام، إلا القيوم الحي الذيهو قائم بذاته، و كل ما سواه قائم به، فإنأحب العارف ذاته، و وجود ذاته مستفاد منغيره، فبالضرورة يحب المفيد لوجوده، والمديم له إن عرفه خالقا موجدا، و مخترعامبقيا، و قيوما بنفسه، و مقوما لغيره، فإنكان لا يحبه فهو لجهله بنفسه و بربه، والمحبة ثمرة المعرفة، فتنعدم بانعدامها وتضعف بضعفها، و تقوى بقوتها، و لذلك قالالحسن البصري رحمه الله تعالى: من عرف ربهأحبه و من عرف الدنيا زهد فيها، و كيفيتصور أن يحب الإنسان نفسه و لا يحب ربه،الذي به قوام نفسه، و معلوم أن المبتلى بحرالشمس، لما كان يحب الظل فيحب بالضرورةالأشجار التي بها قوام الظل، و كل ما فيالوجود بالإضافة إلى قدرة الله تعالى فهوكالظل بالإضافة إلى الشجر، و النوربالإضافة إلى الشمس، فإن الكل من آثارقدرته، و وجود الكل تابع لوجوده، كما أنوجود النور تابع للشمس، و وجود الظل تابعللشجر، بل هذا المثال صحيح بالإضافة إلىأوهام العوام، إذ تخيلوا أن النور أثرالشمس، و فائض منها، و موجود بها، و هو خطأمحض، إذ انكشف لأرباب القلوب انكشافا أظهرمن مشاهدة الأبصار، أن النور حاصل من قدرةالله تعالى اختراعا عند وقوع المقابلة بينالشمس