يأمره و ينهاه» و قد قال[1] «إذا أرادالله بعبد خيرا بصره بعيوب نفسه» فأخصعلاماته حبه للَّه، فإن ذلك يدل على حبالله و أما الفعل الدال على كونه محبوبا،فهو أن يتولى الله تعالى أمره ظاهره وباطنه، سره و جهره، فيكون هو المشير عليه،و المدبر لأمره، و المزين لأخلافه، والمستعمل لجوارحه و المسدد لظاهره وباطنه، و الجاعل همومه هما واحدا، والمبغض للدنيا في قلبه، و الموحش له منغيره، و المؤنس له بلذة المناجاة فيخلواته، و الكاشف له عن الحجب بينه و بينمعرفته، فهذا و أمثاله هو علامة حب اللهللعبد، فلنذكر الآن علامة محبة العبدللَّه فإنها أيضا علامات حب الله للعبد
القول في علامات محبة العبد للَّه تعالى
اعلم أن المحبة يدعيها كل أحد. و ما أسهلالدعوى و ما أعز المعنى! فلا ينبغي أن يغترالإنسان بتلبيس الشيطان و خدع النفس، مهماادعت محبة الله تعالى، ما لم يمتحنهابالعلامات، و لم يطالبها بالبراهين والأدلة. و المحبة شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، و ثمارها تظهر في القلب،و اللسان. و الجوارح، و تدل تلك الآثارالفائضة منها على القلب و الجوارح علىالمحبة دلالة الدخان على النار، و دلالةالثمار على الأشجار، و هي كثيرة فمنها حبلقاء الحبيب بطريق الكشف و المشاهدة فيدار السلام. فلا يتصور أن يحب القلب محبوباإلا و يحب مشاهدته و لقاءه، و إذا علم أنهلا وصول إلا بالارتحال من الدنيا ومفارقتها بالموت، فينبغي أن يكون محباللموت غير فار منه، فإن المحب لا يثقل عليهالسفر عن وطنه إلى مستقر محبوبه ليتنعمبمشاهدته، و الموت مفتاح اللقاء و بابالدخول إلى المشاهدة. قال صلّى الله عليهوسلّم[2] «من أحب لقاء الله أحب اللهلقاءه» و قال حذيفة عند الموت. حبيب جاءعلى فاقة لا أفلح من ندم. و قال بعض السلف:ما من خصلة
[1] حديث إذا أراد الله بعبد خيرا بصرهبعيوب نفسه: أبو منصور الديلمي في مسندالفردوس من حديث أنس بزيادة فيه بإسنادضعيف
[2] حديث من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه:متفق عليه من حديث أبي هريرة و عائشة