إلى ظاهر العبادة و اغتراره بها، كنظرالسوادي إلى حمرة الدينار المموه واستدارته، و هو مغشوش زائف في نفسه، وقيراط من الخالص الذي يرتضيه الناقدالبصير، خير من دينار يرتضيه الغر الغبيفهكذا يتفاوت أمر العبادات، بل أشد و أعظمو مداخل الآفات المتطرقة إلى فنونالأعمال، لا يمكن حصرها و إحصاؤها،فلينتفع بما ذكرناه مثالا، و الفطن بغنيهالقليل عن الكثير، و البليد لا يغنيهالتطويل أيضا، فلا فائدة في التفصيل
بيان حكم العمل المشوب و استحقاق الثواببه
اعلم أن العمل إذا لم يكن خالصا لوجه اللهتعالى، بل امتزج به شوب من الرياء أو حظوظالنفس، فقد اختلف الناس في إن ذلك هل يقتضيثوابا، أم يقتضي عقابا، أم لا يقتضي شيئاأصلا، فلا يكون له و لا عليه، و أما الذي لميرد به إلا الرياء فهو عليه قطعا، و هو سببالمقت و العقاب، و أما الخالص لوجه اللهتعالى فهو سبب الثواب، و إنما النظر فيالمشوب و ظاهر[1] الأخبار تدل على أنه لاثواب له، و ليس تخلو الأخبار عن تعارض فيه،و الذي ينقدح لنا فيه، و العلم عند الله،أن ينظر إلى قدر قوة الباعث، فإن كانالباعث الديني مساويا للباعث النفسيتقاوما و تساقطا، و صار العمل لا له و لاعليه، و إن كان باعث الرياء أغلب و أقوىفهو ليس بنافع، و هو مع ذلك مضر و مفضللعقاب، نعم العقاب الذي فيه أخف من عقابالعمل الذي تجرد للرياء، و لم يمتزج بهشائبة التقرب، و إن كان قصد التقرب أغلببالإضافة إلى الباعث الآخر فله ثواب بقدرما فضل من قوة الباعث الديني، و هذا لقولهتعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍخَيْراً يَرَهُ وَ من يَعْمَلْ مِثْقالَذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)
[1] الأخبار التي يدل ظاهرها على ان العملالمشوب لا ثواب له قال و ليس تخلو الاخبارعن تعارض: أبو داود من حديث أبي هريرة انرجلا قال يا رسول الله رجل يبتغى الجهاد فيسبيل الله و هو يبتغى عرضا من عرض الدنيافقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لاأجر له- الحديث: و للنسائي من حديث أبيأمامة بإسناد حسن أ رأيت رجلا غزا يلتمسالاجر و الذكر ماله فقال لا شيء لهفأعادها ثلاث مرات يقول لا شيء له ثم قالان الله لا يقبل من العمل الا ما كان خالصاو ابتغى به وجهه و للترمذي و قال غريب و ابنحيان من حديث أبي هريرة الرجل يعمل العملفيسره فإذا اطلع عليه أعجبه قال له أجرانأجر السر و أجر العلانية و قد تقدم في ذمالجاه و الرياء