أبي الحسن النوري و الجماعة حديث الحب والشوق و العشق، حتى أنكر بعضهم مقام الرضاو قال ليس إلا الصبر، فأما الرضا فغيرمتصور و هذا كله كلام ناقص قاصر، لم يطلعمن مقامات الدين إلا على القشور، فظن أنهلا وجود إلا للقشر، فإن المحسوسات و كل مايدخل في الخيال من طريق الدين قشر مجرد، ووراء اللب المطلوب. فمن لم يصل من الجوازإلا إلى قشره يظن أن الجواز خشب كله، ويستحيل عنده خروج الدهن منه لا محالة، و هومعذور و لكن عذره غير مقبول. و قد قيل.
الأنس بالله لا يحويه بطال
و الآنسون رجال كلهم نجب
و كلهم صفوةلله عمال
و ليس يدركهبالحول محتال
و كلهم صفوةلله عمال
و كلهم صفوةلله عمال
بيان معنى الانبساط و الإدلال الذي تثمرهغلبة الأنس
اعلم أن الأنس إذا دام و غلب و استحكم، ولم يتشوشه قلق الشوق، و لم ينغصه خوفالتغير و الحجاب، فإنه يثمر نوعا منالانبساط في الأقوال و الأفعال و المناجاةمع الله تعالى، و قد يكون منكر الصورة لمافيه من الجراءة و قلة الهيبة. و لكنه محتملممن أقيم في مقام الأنس و من لم يقم في ذلكالمقام، و يتشبه بهم في الفعل و الكلام.هلك به و أشرف على الكفر و مثاله مناجاةبرخ الأسود الذي أمر الله تعالى كليمهموسى عليه السلام أن يسأله ليستسقي لبنيإسرائيل، بعد أن قحطوا سبع سنين، و خرجموسى عليه السلام ليستسقي لهم في سبعينألفا، فأوحى الله عز و جل إليه. كيف أستجيبلهم و قد أظلمت عليهم ذنوبهم، سرائرهمخبيثة، يدعونني على غير يقين، و يأمنونمكري ارجع إلى عبد من عبادي يقال له برخ،فقل له يخرج حتى أستجيب له. فسأل عنه موسىعليه السلام، فلم يعرف.
فبينما موسى ذات يوم يمشى في طريق، إذابعبد أسود قد استقبله، بين عينيه تراب منأثر السجود، في شملة قد عقدها على عنقه،فعرفه موسى عليه السلام بنور الله عز و جل،فسلم عليه و قال له ما اسمك فقال اسمى برخ.قال فأنت طلبتنا منذ حين، اخرج فاستسق لنا.
فخرج فقال في كلامه. ما هذا من فعالك، و لاهذا من حلمك، و ما الذي بدا لك أنقصت عليكعيونك! أم عاندت الرياح عن طاعتك! أم نفد ماعندك! أم اشتد غضبك على المذنبين