الجارية: ما هذا قال هذا مكان قولك آه. وحكي عن محمد بن عبد الله البغدادي قال:
رأيت بالبصرة شابا على سطح مرتفع و قدأشرف على الناس و هو يقول
من مات عشقا فليمت هكذا
لا خير في عشقبلا موت
لا خير في عشقبلا موت
لا خير في عشقبلا موت
ثم رمى نفسه إلى الأرض، فحملوه ميتا. فهذاو أمثاله قد يصدق به في حب المخلوق والتصديق به في حب الخلق أولى، لأن البصيرةالباطنة أصدق من البصر الظاهر و جمالالحضرة الربانية أو في من كل جمال. بل كلجمال في العالم فهو حسنة من حسنات ذلكالجمال نعم الذي فقد البصر ينكر جمالالصور، و الذي فقد السمع ينكر لذة الألحانو النغمات الموزونة فالذي فقد القلب لا بدو أن ينكر أيضا هذه اللذات التي لا مظنةلها سوى القلب
بيان أن الدعاء غير مناقض للرضا
و لا يخرج صاحبه عن مقام الرضا و كذلككراهة المعاصي، و مقت أهلها، و مقتأسبابها، و السمي في إزالتها بالأمربالمعروف و النهي عن المنكر لا يناقضهأيضا. و قد غلط في ذلك بعض البطالينالمغترين، و زعم أن المعاصي، و الفجور، والكفر، من قضاء الله و قدره عز و جل، فيجبالرضا به. و هذا جهل بالتأويل. و غفلة عنأسرار الشرع فأما الدعاء فقد تعبدنا به، وكثرة دعوات رسول الله صلّى الله عليهوسلّم و سائر الأنبياء عليهم السلام، علىما نقلناه في كتاب الدعوات تدل عليه، و لقدكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيأعلى المقامات من الرضا، و قد أثنى اللهتعالى على بعض عباده بقوله (وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً) و أماإنكار المعاصي و كراهتها، و عدم الرضابها، فقد تعبد الله به عباده، و ذمهم علىالرضا به فقال (وَ رَضُوا بِالْحَياةِالدُّنْيا وَ اطْمَأَنُّوا بِها) و قالتعالى (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَالْخَوالِفِ وَ طَبَعَ الله عَلىقُلُوبِهِمْ) و في الخبر المشهور «من شهدمنكرا فرضي به فكأنه قد فعله» و فيالحديث[1] «الدال على الشر كفاعله»
[1] حديث الدال على الشرك فاعله: أبو منصورالديلمي في مسند الفردوس من حديث أنسبإسناد ضعيف جدا