لا أزال حزينا إلى يوم القيامة. قلت و لم قال إلى لما رأيت منازلى في الجنة، رفعت ليمقامات في عليين ما رأيت مثلها فيما رأيت،ففرحت بها، فلما هممت بدخولها نادى منادمن فوقها صرفوه عنها، فليست هذه له، إنماهي لمن أمضى السبيل فقلت و ما إمضاءالسبيل فقيل لي كنت تقول للشيء إنه فيسبيل الله، ثم ترجع فيه. فلو كنت أمضيتالسبيل لأمضينا لك و حكي عن بعض العبادبمكة أنه كان نائما إلى جنب رجل معههميانه، فانتبه الرجل ففقد هميانه،فاتهمه به. فقال له كم كان في هميانك فذكرله. فحمله إلى البيت و وزنه من عنده ثم بعدذلك أعلمه أصحابه أنهم كانوا أخذواالهميان مزحا معه، فجاء هو و أصحابه معه،وردوا الذهب، فأبى و قال: خذه حلالا طيبا،فما كنت لأعود في مال أخرجته في سبيل اللهعز و جل، فلم يقبل، فألحوا عليه، فدعا ابناله، و جعل يصره صررا و يبعث بها إلىالفقراء، حتى لم يبق منه شيء. فهكذا كانتأخلاق السلف. و كذلك من أخذ رغيفا ليعطيهفقيرا فعاب عنه كان يكره رده إلى البيت بعدإخراجه، فيعطيه فقيرا آخر. و كذلك يفعل فيالدراهم و الدنانير و سائر الصدقات
الخامس: و هو أقل الدرجات، أن لا يدعو علىالسارق الذي ظلمه بالأخذ
فإن فعل بطل توكله، و دل ذلك على كراهته وتأسفه على ما فات، و بطل هذه. و لو بالغ فيهبطل أجره أيضا فيما أصيب به. ففي الخبر[1]«من دعا على ظالمه فقد انتصر» و حكي أنالربيع بن خثيم سرق فرس له، و كان قيمتهعشرين ألفا و كان قائما يصلى فلم يقطعصلاته، و لم ينزعج لطلبه. فجاءه قوم يعزونهفقال أما إنى قد كنت رأيته و هو يحله. قيل وما منعك أن تزجره قال كنت فيما هو أحبإليّ من ذلك، يعنى الصلاة فجعلوا يدعونعليه، فقال لا تفعلوا و قولوا خيرا، فإنىقد جعلتها صدقة عليه و قيل لبعضهم في شيءقد كان سرق له: ألا تدعو على ظلمك قال ماأحب أن أكون عونا للشيطان عليه. قيل أ رأيتلو ردّ عليك قال لا آخذه و لا أنظر إليه،لأني كنت قد أحللته له و قيل لآخر. ادع اللهعلى ظلك. فقال ما ظلمني أحد. ثم قال إنماظلم نفسه. ألا يكفيه المسكين ظلم نفسه حتىأزيده شرا! و أكثر بعضهم شتم الحجاج عندبعض السلف
[1] حديث من دعا على من ظلمه فقد انتصر:تقدم