و الأجسام الكثيفة. كما أن نور الشمس وعينها و شكلها و صورتها أيضا حاصل من قدرةالله تعالى، و لكن الغرض من الأمثلةالتفهيم، فلا يطلب فيها الحقائق، فإذا إنكان حب الإنسان نفسه ضروريا، فحبه لمن بهقوامه أولا و دوامه ثانيا، في أصله وصفاته، و ظاهره و باطنه، و جواهره و أعراضهأيضا ضروري أن عرف ذلك كذلك، و من خلا عنهذا الحب، فلأنه اشتغل بنفسه و شهواته وذهل عن ربه و خالقه فلم يعرفه حق معرفته وقصر نظره على شهواته و محسوساته، و هو عالمالشهادة الذي يشاركه البهائم في التنعمبه، و الاتساع فيه دون عالم الملكوت، الذيلا يطأ أرضه، إلا من يقرب إلى شبه منالملائكة، فينظر فيه بقدر قربه في الصفاتمن الملائكة، و يقصر عنه بقدر انحطاطه إلىحضيض عالم البهائم
و أما السبب الثاني: و هو حبه من أحسنإليه
فواساه بماله و لاطفه بكلامه، و أمدّهبمعونته، و انتدب لنصرته و قمع أعدائه، وقام بدفع شرّ الأشرار عنه، و انتهض وسيلةإلى جميع حظوظه و أغراضه في نفسه و أولادهو أقاربه، فإنه محبوب لا محالة عنده، و هذابعينه يقتضي أن لا يجب إلا الله تعالى،فإنه لو عرف حق المعرفة لعلم أن المحسنإليه هو الله تعالى فقط، فأما أنواعإحسانه إلى كل عبيده فلست أعدّها، إذ ليسيحيط بها حصر حاصر كما قال تعالى (وَ إِنْتَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لا تُحْصُوها) وقد أشرنا إلى طرف منه في كتاب الشكر، ولكنا نقتصر الآن على بيان أن الإحسان منالناس غير متصور إلا بالمجاز. و إنماالمحسن هو الله تعالى، و لنفرض ذلك فيمنأنعم عليك بجميع خزائنه. و مكنك منهالتتصرف فيها كيف تشاء، فإنك تظن أن هذاالإحسان منه و هو غلط، فإنه إنما تمّإحسانه به و بماله و بقدرته على المال وبداعيته الباعثة له على صرف المال إليك.فمن الذي أنعم بخلقه، و خلق ماله. و خلققدرته، و خلق إرادته و داعيته و من الذيحببك إليه و صرف وجهه إليك. و ألقى في نفسهأن صلاح دينه أو دنياه في الإحسان إليك، ولو لا كل ذلك لما أعطاك حبة من ماله. و مهماسلط الله عليه الدواعي، و قرّر في نفسه أنصلاح دينه أو دنياه في أن يسلم إليك مالهكان مقهورا مضطرا في التسليم لا يستطيعمخالفته، فالمحسن هو الذي اضطرّه لك وسخره. و سلط عليه الدواعي الباعثة المرهقةإلى الفعل. و أما يده