و من الدلائل زهده فيما يرى
و من الدلائل أن تراه باكيا
و من الدلائل أن تراه مسلما
و من الدلائل أن تراه راضيا
و من الدلائل ضحكه بين الورى
و القلبمحزون كقلب الثاكل
من دار ذل والنعيم الزائل
أن قد رآهعلى قبيح فعائل
كل الأمورإلى المليك لعادل
بمليكه فيكل حكم نازل
و القلبمحزون كقلب الثاكل
و القلبمحزون كقلب الثاكل
بيان معنى الأنس بالله تعالى
قد ذكرنا أن الأنس، و الخوف، و الشوق، منآثار المحبة. إلا أن هذه آثار مختلفة تختلفعلى المحب بحسب نظره و ما يغلب عليه فيوقته. فإذا غلب عليه التطلع من وراء حجبالغيب إلى منتهى الجمال، و استشعر قصورهعن الاطلاع على كنه الجلال، انبعث القلبإلى الطلب، و انزعج له، و هاج إليه و تسمىهذه الحالة في الانزعاج شوقا و هوبالإضافة إلى أمر غائب و إذا غلب عليهالفرح بالقرب، و مشاهدة الحضور بما هوحاصل من الكشف، و كان نظره مقصورا علىمطالعة الجمال الحاضر المكشوف، غير ملتفتإلى ما لم يدركه بعد، استبشر القلب بمايلاحظه، فيسمى استبشاره أنسا و إن كاننظره إلى صفات العز، و الاستغناء و عدمالمبالاة و خطر إمكان الزوال و البعد.
تألم القلب بهذا الاستشعار، فيسمى تألمهخوفا و هذه الأحوال تابعة: لهذه الملاحظات.و الملاحظات تابعة لأسباب تقتضيها لا يمكنحصرها. فالأنس معناه استبشار القلب و فرحهبمطالعة الجمال، حتى أنه إذا غلب، و تجردعن ملاحظة ما غاب عنه، و ما يتطرق إليه منخطر الزوال، عظم نعيمه و لذته. و من هنا نظربعضهم حيث قيل له: أنت مشتاق فقال: لا.إنما الشوق إلى غائب. فإذا كان الغائبحاضرا فإلى من يشتاق و هذا كلام مستغرقبالفرح بما ناله، غير ملتفت إلى ما بقي فيالإمكان من مزايا الألطاف و من غلب عليهحال الأنس لم تكن شهوته إلا في الانفراد والخلوة، كما حكي أن إبراهيم