بل ينبغي أن يهاجر. قال الله تعالى (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله واسِعَةًفَتُهاجِرُوا فِيها) فإن منعه عن ذلك عيالأو علاقة، فلا ينبغي أن يكون راضيا بحاله،مطمئن النفس إليه، بل ينبغي أن يكون منزعجالقلب منها، قائلا على الدوام (رَبَّناأَخْرِجْنا من هذِهِ الْقَرْيَةِالظَّالِمِ أَهْلُها) و ذلك لأن الظلم إذاعم نزل البلاء، و دمر الجميع، و شملالمطيعين.
قال الله تعالى (وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لاتُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْخَاصَّةً) فإذا ليس في شيء من أسباب نقصالدين البتة رضا مطلق، إلا من حيث إضافتهاإلى فعل الله تعالى. فأما هي في نفسها فلاوجه للرضا بها بحال و قد اختلف العلماء فيالأفضل من أهل المقامات الثلاث، رجل يحبالموت شوقا إلى لقاء الله تعالى، و رجل يحبالبقاء لخدمة المولى، و رجل قال لا أختارشيئا بل أرضى بما اختاره الله تعالى. ورفعت هذه المسألة إلى بعض العارفين فقال:صاحب الرضا أفضلهم لأنه أقلهم فضولا واجتمع ذات يوم وهيب بن الورد، و سفيانالثوري، و يوسف بن أسباط. فقال الثوري: كنتأكره موت الفجأة قبول اليوم، و اليوم وددتأنى مت. فقال له يوسف: لم قال لما أتخوف منالفتنة، فقال يوسف: لكني لا أكره طولالبقاء. فقال سفيان: لم قال لعلى أصادفيوما أتوب فيه و أعمل صالحا. فقيل لوهيب.أيش تقول أنت فقال أنا لا أختار شيئا، أحبذلك إلي أحبه إلى الله سبحانه و تعالىفقبله الثوري بين عينيه و قال: روحانية ورب الكعبة
بيان جملة من حكايات المحبين و أقوالهم ومكاشفاتهم
قيل لبعض العارفين. إنك محب. فقال: لستمحبا، إنما أنا محبوب، و المحب متعوب و قيلله أيضا: الناس يقولون إنك واحد من السبعة.فقال: أنا كل السبعة. و كان يقول إذارأيتمونى فقد رأيتم أربعين بدلا: قيل و كيفو أنت شخص واحد قيل لأني رأيت أربعينبدلا، و أخذت من كل بدل خلقا من أخلاقه. وقيل له بلغنا أنك ترى الخضر عليه السلام