قال: بلغني أنك طينت حائط دارك من جانبالشارع، و قد أخذت قدر سمك الطين، و هوأنملة، من شارع المسلمين، فلا تصلح لنقلالعلم. فهكذا كانت مراقبة السلف لأحوالطلاب العلم و هذا و أمثاله مما يلتبس علىالأغبياء و أتباع الشيطان، و إن كانواأرباب الطيالسة و الأكمام الواسعة، وأصحاب الألسنة الطويلة و الفضل الكثير،أعنى الفضل من العلوم التي لا تشتمل علىالتحذير من الدنيا و الزجر عنها، والترغيب في الآخرة و الدعاء إليها، بل هيالعلوم التي تتعلق بالخلق، و يتوصل بهاإلى جمع الحطام، و استتباع الناس، والتقدم على الأقران فإذا قوله عليه السلام«إنما الأعمال بالنيات» يختص من الأقسامالثلاثة بالطاعات و المباحات دونالمعاصي، إذا الطاعة تنقلب معصية بالقصد،و المباح ينقلب معصية و طاعة بالقصد. فأماالمعصية فلا تنقلب طاعة بالقصد أصلا. نعمللنية دخل فيها، و هو أنه إذا انضاف إليهاقصود خبيثة تضاعف وزرها، و عظم وبالها،كما ذكرنا ذلك في كتاب التوبة
القسم الثاني: الطاعات
و هي مرتبطة بالنيات في أصل صحتها، و فيتضاعف فضلها.
أما الأصل فهو أن ينوي بها عبادة اللهتعالى لا غير، فإن نوى الرياء صارت معصية.و أما تضاعف الفضل فبكثرة النيات الحسنة،فإن الطاعة الواحدة يمكن أن ينوي بهاخيرات كثيرة، فيكون له بكل نية ثواب، إذ كلواحدة منها حسنة.[1] تضاعف كل حسنة عشرأمثالها كما ورد به الخبر، و مثاله القعودفي المسجد فإنه طاعة، و يمكن أن ينوي فيهنيات كثيرة حتى يصير من فضائل أعمالالمتقين و يبلغ به درجات المقربين أولها:أن يعتقد أنه بيت الله، و أن داخله زائرالله، فيقصد به زيارة مولاه رجاء لما وعدهبه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حيثقال[2] «من قعد في المسجد فقد زار اللهتعالى و حق على المزور إكرام زائره»
[1] حديث تضعيف الحسنة بعشرة أمثالها:تقدم
[2] حديث من قعد في المسجد فقد زار اللهتعالى و حق على المزور إكرام زائره: ابنحبان في الضعفاء من حديث سلمان و للبيهقيفي الشعب نحوه من رواية جماعة من الصحابةلم يسعوا بإسناد صحيح و قد تقدما في الصلاة