تعرض لترك الرياء و إنما خصه بالذكر لأنهأقوى الأسباب المشوشة للإخلاص، و قالالجنيد:
الإخلاص تصفية العمل من الكدورات، و قالالفضيل: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، و الإخلاص أنيعافيك الله منهما، و قيل. الإخلاص دوامالمراقبة و نسيان الحظوظ كلها و هذا هوالبيان الكامل، و الأقاويل في هذا كثيرة،و لا فائدة في تكثير النقل بعد انكشافالحقيقة، و إنما البيان الشافي بيان سيدالأولين و الآخرين صلّى الله عليهوسلّم،[1] إذا سئل عن الإخلاص فقال «أن تقولربي الله ثم تستقيم كما أمرت» أي لا تعبدهواك و نفسك و لا تعبد إلا ربك و تستقيم فيعبادته، كما أمرت و هذا إشارة إلى قطع ماسوى الله عن مجرى النظر و هو الإخلاص حقا
بيان درجات الشوائب و الآفات المكدرةللإخلاص
اعلم أن الآفات المشوشة للإخلاص، بعضهاجلي و بعضها خفي، و بعضها ضعيف مع الجلاء،و بعضها قوي مع الخلفاء، و لا يفهم اختلافدرجاتها في الخفاء و الجلاء إلا بمثال، وأظهر مشوشات الإخلاص الرياء، فلنذكر منهمثالا فنقول. الشيطان يدخل الآفة علىالمصلى مهما كان مخلصا في صلاته، ثم نظرإليه جماعة، أو دخل عليه داخل، فيقول لهحسن صلاتك حتى ينظر إليك هذا الحاضر بعينالوقار و الصلاح، و لا يزدريك، و لايغتابك، فتخشع جوارحه، و تسكن أطرافه، وتحسن صلاته، و هذا هو الرياء الظاهر، و لايخفى ذلك على المبتدئين من المريدينالدرجة الثانية: يكون المريد قد فهم هذهالآفة و أخذ منها حذره، فصار لا يطيعالشيطان فيها، و لا يلتفت إليه، و يستمر فيصلاته كما كان، فيأتيه في معرض الخير،
[1] حديث سئل عن الإخلاص فقال أن تقول ربيالله ثم تستقيم كما أمرت: لم أره بهذااللفظ للترمذي و صححه و ابن ماجه من حديثسفيان بن عبد الله الثقفي قلت يا رسول اللهحدثني بأمر أعتصم به قال قل ربي الله ثماستقم و هو عند مسلم بلفظ قل لي في الإسلامقولا لا أسأل عنه أحدا بعدك قال قل آمنتبالله ثم استقم