حريصا على استنباطها، لينكشف لك فيه منالعجائب ما تستحقر معه العلوم المزخرفةالخارجة عنه فهذا ما أردنا ذكره من معنىالأنس و الانبساط الذي هو ثمرته، و بيانتفاوت عباد الله فيه، و الله سبحانه وتعالى أعلم
القول في معنى الرضا بقضاء الله تعالى وحقيقته و ما ورد في فضيلته
اعلم أن الرضا ثمرة من ثمار المحبة، و هومن أعلى مقامات المقربين. و حقيقته غامضةعلى الأكثرين، و ما يدخل عليه من التشابه والإيهام غير منكشف إلا لمن علمه اللهتعالى التأويل، و فهمه و فقهه في الدين.فقد أنكر منكرون تصور الرضا بما يخالفالهوى. ثم قالوا. إن أمكن الرضا بكل شيءلأنه فعل الله. فينبغي أن يرضى بالكفر والمعاصي. و انخدع بذلك قوم، فرأوا الرضابالفجور و الفسوق، و ترك الاعتراض والإنكار، من باب التسليم لقضاء اللهتعالى. و لو انكشفت هذه الأسرار لمن اقتصرعلى سماع ظواهر الشرع، لما دعا رسول اللهصلّى الله عليه وسلّم[1] لابن عباس حيثقال «اللّهم فقّهه في الدّين و علّمهالتّأويل» فلنبدأ ببيان فضيلة الرضا، ثمبحكايات أحوال الراضين، ثم نذكر حقيقةالرضا، و كيفية تصوره فيما يخالف الهوى،ثم نذكر ما يظن أنه من تمام الرضا و ليسمنه، كترك الدعاء و السكوت على المعاصي
بيان فضيلة الرضا
أما من الآيات فقوله تعالى (رَضِيَ اللهعَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ) و قد قال تعالى(هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّاالْإِحْسانُ) و منتهى الإحسان رضا الله عنعبده، و هو ثواب رضا العبد عن الله تعالى. وقال تعالى (وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فيجَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ من اللهأَكْبَرُ) فقد رفع الله الرضا فوق جناتعدن، كما رفع ذكره فوق الصلاة حيث قال(إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِالْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُالله أَكْبَرُ) فكما أن مشاهدة المذكور
[1] حديث دعائه لابن عباس اللهم فقهه فيالدين و علمه التأويل: متفق عليه دون قولهو علمه التأويل و رواه أحمد بهذه الزيادة وتقدم في العلم