نهى عنه. و من حيث إنه يقصد به الصحةليستعان بها على المعاصي، و ذلك منهي عنه.
و المؤمن في غالب الأمر لا يقصد ذلك. و أحدمن المؤمنين لا يرى الدواء نافعا بنفسه. بلمن حيث إنه جعله الله تعالى سببا للنفع،كما لا يرى الماء مرويا، و لا الخبز مشبعا.فحكم التداوي في مقصوده كحكم الكسب، فإنهإن اكتسب للاستعانة على الطاعة أو علىالمعصية كان له حكمها. و إن اكتسب للتنعمالمباح فله حكمه فقد ظهر بالمعاني التيأوردناها أن ترك التداوي قد يكون أفضل فيبعض الأحوال، و أن التداوي قد يكون أفضل فيبعض، و أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال، والأشخاص، و النيات، و أن واحدا من الفعل والترك ليس شرطا في التوكل و كل إلا تركالموهومات كالكى و الرقي، فإن ذلك تعمق فيالتدبيرات لا يليق بالمتوكلين
بيان أحوال المتوكلين في إظهار المرض وكتمانه
اعلم أن كتمان المرض و إخفاء الفقر وأنواع البلاء من كنوز البر، و هو من أعلىالمقامات، لأن الرضا بحكم الله و الصبرعلى بلائه معاملة بينه و بين الله عز و جل،فكتمانه أسلم عن الآفات و مع هذا فالإظهارلا بأس به إذا صحت فيه النية و المقصد. ومقاصد الإظهار ثلاثة الأوّل: أن يكون غرضهالتداوي، فيحتاج إلى ذكره للطبيب، فيذكرهلا في معرض الشكاية بل في معرض الحكاية لماظهر، عليه من قدرة الله تعالى. فقد كان بشريصف لعبد الرحمن المطبب أو جاعه و كان أحمدبن حنبل يخبر بأمراض يجدها و يقول: إنماأصف قدرة الله تعالى في الثاني: أن يصفلغير الطبيب و كان ممن يقتدى به، و كانمكينا في المعرفة فأراد من ذكره أن يتعلممنه حسن الصبر في المرض، بل حسن الشكر بأنيظهر أنه يرى أن المرض نعمة فيشكر عليها،فيتحدث به كما يتحدث بالنعم. قال الحسنالبصري: إذا حمد المريض الله تعالى و شكره،ثم ذكر أو جاعه، لم يكن ذلك شكوى الثالث: أنيظهر بذلك عجزه و افتقاره إلى الله تعالى،و ذلك يحسن ممن تليق به القوة و الشجاعة ويستبعد منه العجز، كما روي أنه قيل لعليّفي مرضه رضي الله عنه. كيف أنت
قال بشرّ. فنظر بعضهم إلى بعض كأنهم كرهواذلك، و ظنوا أنه شكاية فقال. أتجلّد علىالله. فأحب أن يظهر عجزه و افتقاره مع ماعلم به من القوة و الضرارة، و تأدب فيهبأدب النبي