"إنّ الحسن والحسين - عليهما السلام - كانا يقبلان جوائز معاوية "(1).
قلت: قدعلم أن موضع الشبهة حقيق بالاجتناب، والإمام - عليه السلام - لايواقعها، وما كان قبولها - عليهما السلام - لجوائزه إلا لما لهما من الحقّ بيت المال مع أنّ تَصرَّف معاوية عليه غضب اللّه وسخطه كان بغير رضاً منهما - عليهما السلام - فتناولهما حقهما - عليهما السلام - المرتب على تصرّفه دليلٌ على جواز ذلك لذوي الحقوق في بيت المال من المؤمنين، نظراً إلى التأسّي.
وقد نبّه " شيخنا " في " الدروس "(2) على هذا المعنى وفرّق بين الجائزة من الظالم وبين أخذ الحقّ الثابت في بيت المال أصالة. فإن ترك قبول الأول افضل، بخلاف الثاني.
ومثل هذه الاخبار كثير لمن تتّبع ولسنا بصدد ذلك، فانّ في هذا غنية في الدلالة على المطلوب في تتبّع ماسواها.
وكونُ بعضها قد يعتري بعض رجال أسناده طعن أوجهالة، غيرُ قادحٍ في شيء منها بوجه من الوجوه، على أنّ أسانيد كثيرة منها صحيحة، كما قّدمناه. ومع ذلك فإن الأصحاب كلهم أو جلّهم قد أفتوا بمضمونها في كتبهم وعملوا به، فيما بلغنا عنهم.
والخبر الضعيف الإسناد - إذا انجبر الخبر بقول الأصحاب وعملهم - ارتقى إلى مرتبة الصحاح وانتظم في سلك الحجج، واُلحِقَ بالمشهور.
فان قيل: هنا سؤالان.
الأول: إنّ هذه الأخبار تضمّنت حّل الشراء خاصّة، فمن أين ثبت حلّ التناول مطلقاً؟
الثاني: هذه الأخبار إنما دلّت على جواز التناول من الجائر بعد استيلائه وأخذه
(1) التهذيب /ج6 ص377/ح935. (2) انظر: ص229 من الكتاب المذكور.