تاریخ ابن خلدون

عبدالرحمان بن محمد ابن خلدون

جلد 1 -صفحه : 839/ 174
نمايش فراداده

إلى قوّتها و طلبت غاية من التّغلّب والتّحكّم أعلى من الغاية الأولى و أبعد وهكذا دائما حتّى تكافئ بقوّتها قوّةالدّولة في هرمها و لم يكن لها ممانع منأولياء الدّولة أهل العصبيّات استولتعليها و انتزعت الأمر من يدها و صار الملكأجمع لها و إن انتهت قوّتها و لم يقارن ذلكهرم الدّولة و إنّما قارن حاجتها إلىالاستظهار بأهل العصبيّات انتظمتهاالدّولة في أوليائها تستظهر بها على مايعنّ من مقاصدها و ذلك ملك آخر دون الملكالمستبدّ و هو كما وقع للتّرك في دولة بنيالعبّاس و لصنهاجة و زناتة مع كتامة و لبنيحمدان مع ملوك الشّيعة من العلويّة والعبّاسيّة فقد ظهر أنّ الملك هو غايةالعصبيّة و أنّها إذا بلغت إلى غايتها حصلللقبيلة الملك إمّا بالاستبداد أوبالمظاهرة على حسب ما يسعه الوقت المقارنلذلك و إن عاقها عن بلوغ الغاية عوائق كمانبيّنه وقفت في مقامها إلى أن يقضي اللهبأمره.

الفصل الثامن عشر في أن من عوائق الملكحصول الترف و انغماس القبيل في النعيم‏

و سبب ذلك أنّ القبيل إذا غلبت بعصبيّتهابعض الغلب استولت على النّعمة بمقداره وشاركت أهل النّعم و الخصب في نعمتهم وخصبهم و ضربت معهم في ذلك بسهم و حصّةبمقدار غلبها و استظهار الدّولة بها فإنكانت الدّولة من القوّة بحيث لا يطمع أحدفي انتزاع أمرها و لا مشاركتها فيه أذعنذلك القبيل لولايتها و القنوع بما يسوّغونمن نعمتها و يشركون (1) فيه من جبايتها و لمتسم آمالهم إلى شي‏ء من منازع الملك و لاأسبابه إنّما همّتهم النّعيم و الكسب وخصب العيش و السّكون في ظلّ الدّولة إلىالدّعة و الرّاحة و الأخذ بمذاهب الملك فيالمباني‏

(1) شركته في البيع و الميراث و الأمر،أشركه، إذا صرت له شريكا (قاموس).