تاریخ ابن خلدون

عبدالرحمان بن محمد ابن خلدون

جلد 1 -صفحه : 839/ 736
نمايش فراداده

به إلى قوالب الأدلّة و صورها فأفرغه فيهاو وفّه حقّه من القانون الصّناعيّ ثمّاكسه صور الألفاظ و أبرزه إلى عالم الخطابو المشافهة وثيق العرى صحيح البنيان.

و أمّا إن وقفت عند المناقشة و الشّبهة فيالأدلّة الصّناعيّة و تمحيص صوابها منخطئها و هذه أمور صناعيّة وضعيّة تستويجهاتها المتعدّدة و تتشابه لأجل الوضع والاصطلاح فلا تتميّز جهة الحقّ منها إذجهة الحقّ إنّما تستبين (1) إذا كانتبالطّبع فيستمرّ ما حصل من الشّكّ والارتياب و تسدل الحجب على المطلوب و تقعدبالنّاظر عن تحصيله. و هذا شأن الأكثرين منالنّظّار و المتأخّرين سيّما من سبقت لهعجمة في لسانه فربطت عن ذهنه و من حصل لهشغب بالقانون المنطقيّ تعصّب له فاعتقدأنّه الذّريعة إلى إدراك الحقّ بالطّبعفيقع في الحيرة بين شبه الأدلّة و شكوكها ولا يكاد يخلص منها. و الذّريعة إلى إدراكالحقّ بالطّبع إنّما هو الفكر الطّبيعيّكما قلناه إذا جرّد عن جميع الأوهام وتعرّض النّاظر فيه إلى رحمة الله تعالى وأمّا المنطق فإنّما هو واصف لفعل هذاالفكر فيساوقه في الأكثر. فاعتبر ذلك واستمطر رحمة الله تعالى متى أعوزك فهمالمسائل تشرق عليك أنواره بالإلهام إلىالصّواب. و الله الهادي إلى رحمته و ماالعلم إلّا من عند الله.

الفصل الثامن و الثلاثون في أن العلومالإلهية لا توسع فيها الأنظار و لا تفرعالمسائل‏

اعلم أنّ العلوم المتعارفة بين أهلالعمران على صنفين: علوم مقصودة بالذّاتكالشّرعيّات من التّفسير و الحديث و الفقهو علم الكلام و كالطّبيعيّات و الإلهيّاتمن الفلسفة، و علوم هي وسيلة آليّة (2) لهذهالعلوم كالعربيّة و الحساب‏

(1) و في النسخة الباريسية: تتميز.

(2) و في النسخة الباريسية: آلة و وسيلة.