هذا العلم هو بيان الموضوعات اللّغويّة وذلك أنّه لمّا فسدت ملكة اللّسان العربيّفي الحركات المسمّاة عند أهل النّحوبالإعراب و استنبطت القوانين لحفظها كماقلناه. ثمّ استمرّ ذلك الفساد بملابسةالعجم و مخالطتهم حتّى تأدّى الفساد إلىموضوعات الألفاظ فاستعمل كثير من كلامالعرب في غير موضوعة عندهم ميلا مع هجنة (1)المستعربين (2) في اصطلاحاتهم المخالفةلصريح العربيّة فاحتيج إلى حفظ الموضوعاتاللّغويّة بالكتاب و التّدوين خشيةالدّروس و ما ينشأ عنه من الجهل بالقرآن والحديث فشمّر كثير من أئمّة اللّسان لذلكو أملوا فيه الدّواوين. و كان سابق الحلبةفي ذلك الخليل بن أحمد الفراهيديّ. ألّففيها كتاب العين فحصر فيه مركّبات حروفالمعجم كلّها من الثّنائيّ و الثّلاثيّ والرّباعيّ و الخماسيّ و هو غاية ما ينتهيإليه التّركيب في اللّسان العربيّ. وتأتّى له حصر ذلك بوجوه عديدة حاضرة و ذلكأنّ جملة الكلمات الثّنائيّة تخرج من جميعالأعداد على التّوالي من واحد إلى سبعة وعشرين و هو دون نهاية حروف المعجم بواحد.لأنّ الحرف الواحد منها يؤخذ مع كلّ واحدمن السّبعة و العشرين فتكون سبعة و عشرينكلمة ثنائيّة. ثمّ يؤخذ الثّاني معالسّتّة و العشرين كذلك.
ثمّ الثّالث و الرّابع. ثمّ يؤخذ السّابعو العشرون مع الثّامن و العشرين فيكونواحدا فتكون كلّها أعدادا على توالي العددمن واحد إلى سبعة و عشرين فتجمع كما هيبالعمل المعروف عند أهل الحساب و هو أنتجمع الأوّل مع الأخير و تضرب المجموع فينصف العدّة. ثمّ تضاعف لأجل قلب الثّنائيّلأنّ التّقديم و التّأخير بين الحروفمعتبر في التّركيب فيكون الخارج جملةالثّنائيّات. و تخرج الثّلاثيّات من ضربعدد الثّنائيّات فيما يجمع من واحد إلىستّة و عشرين على
(1) الهجنة في الكلام: العيب و القبح(قاموس). (2) و في نسخة أخرى: المتعربين.