هذه الأخبار التي كانت لليهود ببيتالمقدس و الملك الّذي كان لهم في العمارةبعد جلاء بختنصّر و أمر الدولتين اللتينكانتا لهم في تلك المدة، لم يكتب فيها أحدمن الأئمة و لا وقفت في كتب التواريخ معكثرتها و اتساعها على ما يلمّ بشيء منذلك.
و وقع بيدي و أنا بمصر تأليف لبعض علماءبني إسرائيل من أهل ذلك العصر في أخبارالبيت و الدولتين اللتين كانتا بها ما بينخراب بختنصّر الأوّل و خراب طيطش (1)الثاني الّذي كانت عنده الجلوة الكبرى،استوفى فيه أخبار تلك المدّة بزعمه و مؤلفالكتاب يسمّى يوسف بن كريّون و زعم أنه كانمن عظماء اليهود و قوّادهم عند زحف الرومإليهم، و أنه كان على صولة (2)، فحاصرهأسبيانوس أبو طيطش و اقتحمها عليه عنوة، وفرّ يوسف إلى بعض الشعاب و كمن فيها ثم حصلفي قبضته بعد ذلك، و استبقاه و من عليه وبقي في جملته. و كانت له تلك وسيلة إلى ابنهطيطش عند ما أجلى بني إسرائيل عن البيتفتركه بها للعبادة كما يأتي في أخباره. هذاهو التعريف بالمؤلف.
و أمّا الكتاب فاستوعب فيه أخبار البيت واليهود بتلك المدّة و أخبار الدولتيناللتين كانتا بها لبني حشمناي و بنيهيردوس من اليهود، و ما حدث في ذلك منالأحداث فلخصتها هنا كما وجدتها فيه لأنيلم أقف على شيء فيها لسواه، و القوم أعلمبأخبارهم إذا لم يعارضها ما يقدّم عليها. وكما قال صلّى الله عليه وسلّم: لا تصدّقواأهل الكتاب. فقد قال و لا تكذبوهم. مع أنّذلك إنّما هو راجع إلى أخبار اليهود و قصصالأنبياء التي كان فيها التنزيل من عندالله، لقوله بعد ذلك: «وَ قُولُوا آمَنَّابِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَإِلَيْكُمْ 29: 46». و أمّا الخبر عنالواقعات المستندة إلى الحس فخبر الواحدكاف فيه إذا غلب على الظنّ صحته، فينبغي أننلحق هذه الأخبار بما تقدّم
(1) و في نسخة اخرى: طيطس. (2) قوله على صولة: بلد قريب من المقدس كمافي التوراة و لعلها المسماة اليوم بصفد(بخط العطار).