تاریخ ابن خلدون

عبدالرحمان بن محمد ابن خلدون

جلد 2 -صفحه : 613/ 399
نمايش فراداده

«439»

و ذكوان و قتلوهم عن آخرهم، و كان سرحهمإلى جانب منهم و معهم المنذر بن أحيحة (1) منبني الجلّاح و عمرو بن أمية الضمريّ فنظراإلى الطير تحوم على العسكر، فأسرعا إلىأصحابهما فوجداهم في مضاجعهم، فأمّاالمنذر بن أحيحة فقاتل حتى قتل، و أما عمروبن أمية فجز عامر بن الطفيل ناصيته حين علمأنه من مضر لرقبة كانت عن أمه، و ذلك لعشربقين من صفر و كانت مع الرجيع في شهر واحد.و لما رجع عمرو بن أمية لقي في طريقه رجلينمن بني كلاب أو بني سليم فنزلا معه في ظلكان فيه معهما عهد من النبيّ صلّى اللهعليه وسلّم لم يعلم به عمرو فانتسبا له فيبني عامر أو سليم فعدا عليهما لما ناما وقتلهما، و قدم على النبيّ صلّى الله عليهوسلّم فأخبره بذلك فقال لقد قتلت قتيلينلأدينهما.

غزوة بني النضير:

و نهض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلىبني النضير مستعينا بهم في دية هذينالقتيلين فأجابوا، و قعد عليه السلام معأبي بكر و عمر و عليّ و نفر من أصحابه إلىجدار من جدرانهم، و أراد بنو النضير رجلامنهم على الصعود إلى ظهر البيت ليلقي علىالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم صخرة، فانتدبلذلك عمرو بن جحاش بن كعب منهم. و أوحى اللهبذلك إلى نبيّه فقام، و لم يشعر أحدا ممنمعه و استبطئوه، و اتبعوه إلى المدينة.فأخبرهم عن وحي الله بما أراد به يهود وأمر من أصحابه بالتهيؤ لحربهم. و استعملعلى المدينة ابن أمّ مكتوم، و نهض في شهرربيع الأوّل أوّل السنة الرابعة منالهجرة، فتحصنوا منه بالحصون فحاصرهم ستليال و أمر بقطع النخل و إحراقها، و دسإليهم عبد الله بن أبي و المنافقون إنامعكم قتلتم أو أخرجتم، فغرّوهم (2) بذلك ثمخذلوهم كرها و أسلموهم. و سأل عبد الله منالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يكف عندمائهم و يجليهم بما حملت الإبل منأموالهم إلّا السلاح، و احتمل إلى خيبر منأكابرهم حييّ بن أخطب و ابن أبي الحقيقفدانت لهم خيبر، و منهم من سار إلى الشام،و قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّمأموالهم بين المهاجرين الأوّلين خاصة، وأعطى منها أبا دجانة و سهل بن حنيف كانافقيرين.

و أسلم من بني النضير يامين بن عمير بنجحاش، و سعيد بن وهب فأحرزا أموالهمابإسلامهما. و في هذه الغزاة نزلت سورةالحشر.

(1) و في النسخة الباريسية: المنذر بن محمدبن الجلاح.

(2) و في نسخة ثانية: ففرّ و همّ.