و أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّمبعد بني النضير إلى جمادى من السنةالرابعة، ثم غزا نجدا يريد بني محارب و بنيثعلبة من غطفان، و استعمل على المدينة أباذرّ الغفاريّ، و قيل عثمان بن عفان، و نهضحتى نزل نجدا فلقي بها جمعا من غطفانفتقارب الناس و لم يكن بينهم حرب، إلا أنهمخاف بعضهم بعضا حتى صلّى رسول الله صلّىالله عليه وسلّم بالمسلمين صلاة الخوف، وسميت ذات الرقاع لأنّ أقدامهم نقبت وكانوا يلقون عليها الخرق. و قال الواقدي:لأنّ الجبل الّذي نزلوا به كان به سواد وبياض و حمرة رقاع فسميت بذلك و زعم أنهاكانت في المحرم.
كان أبو سفيان نادى يوم أحد كما قدّمناهبموعد بدر من قابل و أجابوه بأمر رسول اللهصلّى الله عليه وسلّم، فلمّا كان في شعبانمن هذه السنة الرابعة خرج لميعاده واستعمل على المدينة عبد الله بن عبد اللهبن أبي بن سلول، و نزل في بدر و أقام هناكثمان ليال و خرج أبو سفيان في أهل مكّة حتىنزل الظهران أو عسفان، ثم بدا له في الرجوعو اعتذر بأنّ العام عام جدب.
خرج إليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّمفي ربيع الأوّل من السنة الخامسة و خلف علىالمدينة سباع بن عرفطة الغفاريّ. و سببهاأنه عليه السلام بلغه انّ جمعا تجمعوا بهافغزاهم، ثم انصرفوا من طريقه قبل أن يبلغدومة الجندل و لم يلق حربا. و فيها وادعرسول الله صلّى الله عليه وسلّم عيينة (1)بن حصن أن يرعى بأراضي المدينة لأنّ بلادهكانت أجدبت، و كانت هذه قد أخصبت بسحابةوقعت فأذن له في رعيها.
كانت في شوّال من السنة الخامسة، و الصحيحأنها في الرابعة، و يقويه أنّ ابن عمر يقولردّني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يومأحد و أنا ابن أربع عشرة سنة ثم أجازني يومالخندق و أنا ابن خمس عشرة سنة فليس بينهماإلّا سنة واحدة و هو الصحيح، فهي قبل دومةالجندل بلا شك. و كان سببها أنّ نفرا مناليهود منهم: سلام بن أبي الحقيق و كنانةبن الربيع بن أبي الحقيق و سلام بن مشكم وحيي بن أخطب من بني
(1) و في النسخة الباريسية: عتبة.