تاریخ ابن خلدون

عبدالرحمان بن محمد ابن خلدون

جلد 2 -صفحه : 613/ 444
نمايش فراداده

«484»

بن حارثة، أمره أن يوطئ الخيل تخومالبلقاء و الداروم إلى الأردن من أرضفلسطين و مشارف الشام، فتجهّز الناس وأوعب معه المهاجرون الأوّلون. فبينا الناسعلى ذلك ابتدأ صلّى الله عليه وسلّمبشكواه التي قبضة الله فيها إلى كرامته ورحمته، و تكلم المنافقون في شأن الكرامة،و بلغ الخبر بارتداد الأسود و مسيلمة، وخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عاصبارأسه من الصداع و قال: «إني رأيت البارحةفي نومي أنّ في عضديّ سوارين من ذهبفكرهتهما فنفختهما فطارا فأوّلتهما هذينالكذّابين صاحب اليمامة و صاحب اليمن و قدبلغني أنّ أقواما تكلموا في إمارة اسامةأن يطعنوا في إمارته لقد طعنوا في إمارةأبيه من قبله و إن كان أبوه لحقيقابالإمارة و انه لحقيق بها (1) انفروا». فبعثأسامة فضرب أسامة بالجرف (2) و تمهل، و ثقلرسول الله صلّى الله عليه وسلّم و توفاهالله قبل توجه أسامة.

أخبار الأسود و مسيلمة و طليحة:

كان النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد ماقضى حجة الوداع تحلّل به السير فاشتكى وطارت الأخبار، بذلك فوثب الأسود باليمنكما مرّ، و وثب مسيلمة باليمامة، ثم وثبطليحة بن خويلد في بني أسد، يدعي كلهمالنبوة.

و حاربهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّمبالرسل و الكتب إلى عماله و من ثبت علىإسلامه من قومهم أن يجدّوا في جهادهم،فأصيب الأسود قبل وفاته بيوم و لم يشغله ماكان فيه من الوجع عن أمر الله و الذبّ عندينه، فبعث إلى المسلمين من العرب في كلناحية من نواحي هؤلاء الكذابين يأمرهمبجهادهم. و جاء كتاب مسيلمة إليه فأجابهكما مرّ و جاء، ابن أخي طليحة يطلبالموادعة فدعا صلّى الله عليه وسلّم حتىكان من حكم الله فيهم بعده ما كان.

مرضه صلى الله و سلم عليه:

أوّل ما بدئ به رسول الله صلّى الله عليهوسلّم من ذلك أنّ الله نعى إليه نفسه بقولهإذا جاء نصر الله و الفتح إلى آخر السورة،ثم بدأه الوجع لليلتين بقيتا من صفر وتمادى به وجعه و هو يدور على نسائه حتىاستقر به في بيت ميمونة، فاستأذن نساءه أنيمرّض في بيت عائشة فأذن له. و خرج علىالناس فخطبهم و تحلل منهم و صلى على شهداءأحد و استغفر لهم، ثم قال لهم: إنّ عبدا منعباد الله خيره الله بين الدنيا و بين ماعنده فاختار ما عنده. و فهمها أبو بكر

(1) و في النسخة الباريسية: لخليق بها.

(2) و في نسخة ثانية: الحرق.