بن حارثة، أمره أن يوطئ الخيل تخومالبلقاء و الداروم إلى الأردن من أرضفلسطين و مشارف الشام، فتجهّز الناس وأوعب معه المهاجرون الأوّلون. فبينا الناسعلى ذلك ابتدأ صلّى الله عليه وسلّمبشكواه التي قبضة الله فيها إلى كرامته ورحمته، و تكلم المنافقون في شأن الكرامة،و بلغ الخبر بارتداد الأسود و مسيلمة، وخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عاصبارأسه من الصداع و قال: «إني رأيت البارحةفي نومي أنّ في عضديّ سوارين من ذهبفكرهتهما فنفختهما فطارا فأوّلتهما هذينالكذّابين صاحب اليمامة و صاحب اليمن و قدبلغني أنّ أقواما تكلموا في إمارة اسامةأن يطعنوا في إمارته لقد طعنوا في إمارةأبيه من قبله و إن كان أبوه لحقيقابالإمارة و انه لحقيق بها (1) انفروا». فبعثأسامة فضرب أسامة بالجرف (2) و تمهل، و ثقلرسول الله صلّى الله عليه وسلّم و توفاهالله قبل توجه أسامة.
كان النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد ماقضى حجة الوداع تحلّل به السير فاشتكى وطارت الأخبار، بذلك فوثب الأسود باليمنكما مرّ، و وثب مسيلمة باليمامة، ثم وثبطليحة بن خويلد في بني أسد، يدعي كلهمالنبوة.
و حاربهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّمبالرسل و الكتب إلى عماله و من ثبت علىإسلامه من قومهم أن يجدّوا في جهادهم،فأصيب الأسود قبل وفاته بيوم و لم يشغله ماكان فيه من الوجع عن أمر الله و الذبّ عندينه، فبعث إلى المسلمين من العرب في كلناحية من نواحي هؤلاء الكذابين يأمرهمبجهادهم. و جاء كتاب مسيلمة إليه فأجابهكما مرّ و جاء، ابن أخي طليحة يطلبالموادعة فدعا صلّى الله عليه وسلّم حتىكان من حكم الله فيهم بعده ما كان.
أوّل ما بدئ به رسول الله صلّى الله عليهوسلّم من ذلك أنّ الله نعى إليه نفسه بقولهإذا جاء نصر الله و الفتح إلى آخر السورة،ثم بدأه الوجع لليلتين بقيتا من صفر وتمادى به وجعه و هو يدور على نسائه حتىاستقر به في بيت ميمونة، فاستأذن نساءه أنيمرّض في بيت عائشة فأذن له. و خرج علىالناس فخطبهم و تحلل منهم و صلى على شهداءأحد و استغفر لهم، ثم قال لهم: إنّ عبدا منعباد الله خيره الله بين الدنيا و بين ماعنده فاختار ما عنده. و فهمها أبو بكر
(1) و في النسخة الباريسية: لخليق بها. (2) و في نسخة ثانية: الحرق.