يوم سوق، فاشتفّ السوق و ما فيها و سلبالخفراء و رجع إلى الأنبار فأتوه بالعلوفةو الزاد و أخذ منهم أدلّاء تظهر له المدائنو سار بهم إلى بغداد ليلا، و صبح السوقفوضع فيهم السيف و أخذ ما شاء من الذهب والفضة و الجيّد من كل شيء. ثم رجع إلىالأنبار و بعث المضارب العجليّ إلى الركان(1) و به جماعة من تغلب فهربوا عنه، و لحقهمالمضارب فقتل في أخرياتهم و أكثر. ثم سرّحفرات بن حيّان التغلبي و عتيبة ابنالنّهاس للإغارة على أحياء من تغلب بصفين،ثم اتبعهما المثنّى بنفسه فوجدوا أحياءصفين قد هربوا عنها فعبر المثنّى إلىالجزيرة، و فني زادهم و أكلوا رواحلهم وأدركوا عيرا من أهل خفان (2)، فحضر نفر منتغلب فأخذوا العير و دلّهم أحد الخفراءعلى حيّ من تغلب ساروا إليه يومهم، و هجمواعليهم فقتلوا المقاتلة و سبوا الذرية واستاقوا الأموال، و كان هذا الحيّ بواديالرويحلة، فاشترى أسراهم من كان هنالك منربيعة بنصيبهم من الفيء و أعتقوهم و كانتربيعة لا تسبي في الجاهلية.
و لما سمع المثنّى أنّ جميع من يملكالبلاد قد انتجع شاطئ دجلة خرج في اتباعهمفأدركهم بتكريت، فغنم ما شاء و عاد إلىالأنبار، و مضى عتيبة و فرات حتى أغارا علىالتمر و تغلب بصفّين، و تمكن رعب المسلمينمن قلوب أهل فارس و ملكوا ما بين الفرات ودجلة.
و لما دهم أهل فارس من المسلمين بالسوادما دهمهم و هم مختلفون بين رستم و الفيرزانو اجتمع عظماؤهم و قالوا لهما إمّا أنتجتمعا و إلّا فنحن لكما حرب فقدعرّضتمونا للهلكة و ما بعد بغداد و تكريتإلى المدار (3) فأطاعا لذلك، و فزعوا إلىبوران يسألونها في ولد من آل كسرى يولّونهعليهم، فأحضرت لهم النساء و السراري وبسطوا عليهنّ العذاب فذكروا لهم غلاما منولد شهريار بن كسرى اسمه يزدجرد أخذته أمهعند ما قتل شيرويه أبناء أبيه، فسألوا أمهعنه فدلتهم عليه عند أخواله كانت أودعتهعندهم حينئذ فجاءوا به ابن إحدى و عشرينسنة فملكوه و اجتمعوا عليه، و تباري
(1) و في نسخة أخرى الكباث. (2) و يقال أهل دبا. (3) و في نسخة أخرى: المدائن.