تاریخ ابن خلدون

عبدالرحمان بن محمد ابن خلدون

جلد 4 -صفحه : 696/ 114
نمايش فراداده

البرّية و ظفر هارون بفريق منهم فقتلهم وعاد إلى بغداد. و في سنة سبع عشرة هجم علىمكّة و قتل كثيرا من الحاج و من أهلها و نهبأموالهم جميعا و قلع باب البيت و الميزاب،و قسّم كسوة البيت في أصحابه، و اقتلعالحجر الأسود و انصرف به و أراد أن يجعلالحج عنده، و كتب إليه عبيد الله المهدي منالقيروان يوبّخه على ذلك، و يتهدّده، فكتبإليه بالعجز عن ردّه من الناس و وعد بردّالحجر، فردّه سنة تسع و ثلاثين بعد أنخاطبه منصور إسماعيل من القيروان في ردّهفردّوه، و قد كان الحكم المتغلّب علىالدولة ببغداد أيام المستكفي بذل لهمخمسين ألفا من الذهب على أن يردّوه فأبوا،و زعموا أنهم إنما حملوه بأمر إمامهم عبيدالله، و إنما يردّونه بأمره و أمر خليفته.و أقام ابو طاهر بالبحرين و هو يتعاهدالعراق و الشام بالغزو حتى ضربت لهالإتاوة ببغداد و بدمشق على بني طفج. ثمهلك أبو طاهر سنة اثنتين و ثلاثين لإحدى وثلاثين سنة من ملكه، و مات عن عشرة منالولد كبيرهم سابور، و ولّى أخوه الأكبرأحمد بن الحسن، و اختلف بعض العقدانيةعليه و مالوا إلى ولاية سابور بن أبي طاهر،و كاتبو القائم في ذلك فجاء جوابه بولايةالأخ أحمد، و أن يكون الولد سابور وليّعهده، فاستقرّ أحمد في الولاية عليهم وكنّوه أبا منصور، و هو الّذي ردّ الحجرالأسود إلى مكانه كما قلناه. ثم قبض سابورعلى عمّه أبي منصور فاعتقله بموافقة إخوتهله على ذلك و ذلك سنة ثمان و خمسين. ثم ثاربهم أخوه فأخرجه من الاعتقال و قتل سابور ونفى إخوته و أشياعهم إلى جزيرة أوال. ثمهلك أبو منصور سنة تسع و خمسين يقال مسموماعلى يد شيعة سابور، و ولي ابنه أبو عليّالحسن بن أحمد و يلقّب الأعصم، و قيلالأغنم فطالت مدّته و عظمت وقائعه و نفىجمعا كثيرا من ولد أبي طاهر، يقال اجتمعمنهم بجزيرة أوال نحو من ثلاثمائة، و حجّهذا الأعصم بنفسه و لم يتعرّض للحاج و لاأنكر الخطبة للمطيع.

فتنة القرامطة مع المعز العلويّ

و لما استولى جوهر قائد المعز لدين اللهعلى مصر و جعفر بن فلاح الكتامي على دمشقطالب الحسن بالضريبة التي كانت له علىدمشق فمنعوه و نابذوه، و كتب له المعز وأغلظ عليه و دسّ لشيعة أبي طاهر و بنيه أنّالأمر لولده، و أطلع الحسن على ذلك‏