العرب فخاف العجز و الفضيحة أن يراجعواطاعة أخيه فسبقهم إليها، و أعاده إلى ملكهو بايعه على الطاعة. و رجع قراوش إلى ملكه.و كان أبو كامل قد أحدث الفتنة بينالبساسيريّ كافل الخلافة ببغداد، و ملكالأمراء بها لما فعله بنو عقيل في عراقالعجم من التعرّض لإقطاعه، فسار إليهمالبساسيري، و جمع أبو كامل بني عقيل و لقيهفاقتتلوا قتالا شديدا ثم تحاجزوا. فلمارجع قراوش إلى ملكه نزع جماعة من أهلالأنبار إلى البساسيري شاكرين شاكين سيرةقراوش، و طلبوا أن يبعث معهم عسكرا و عاملاإلى بلدهم ففعل ذلك، و ملكها من يد قراوش وأظهر فيهم العدل.
كان قراوش لمّا أطاعه أخوه أبو كامل بقيمعه كالوزير يتصرّف، إلّا أن قراوش أنف منذلك و أعمل الحيلة في التخلّص منه، فخرج منالموصل سائرا إلى بغداد، و شقّ ذلك علىأخيه أبي كامل فأرسل إليه أعيان قومهليردّوه طوعا أو كرها فلاطفوه أوّلا، وشعر منهم بالدخيلة فأجاب إلى العود و شرطسكنى دار الإمارة، فلما جاء إلى أبي كاملقام بمبرّته و إكرامه و وكّل به من يمنعه (1)التصرّف.
لما ملك قريش بن بدران و حبس عمّه بقلعةالجراحيّة، ارتحل يطلب العراق سنة أربع وأربعين و أربعمائة فانتقض عليه أخوهالمقلّد، و سار إلى نور الدولة دبيس بنمزيد فنهب قريش حلله، و عاد إلى الموصل، واختلف العرب عليه، و نهب عمّال الملكالرحيم ما كان لقريش بنواحي العراق. ثماستمال قريش العرب عليه، و نهب عمّالالملك الرحيم ما كان لقريش بن المسيّبصاحب الحظيرة مخالفا عليه. و بعث قريش بعضأصحابه فلقيهم، و أوقع بهم فسار إليهقريش، و لقيه فهزمهم و اتبعه إلى حلل بلادابن غريب و نبهبها. و دخل العراق و بعث إلىعمّال الملك الرحيم
(1) مقتضى السياق: فيمنعه. و لعله تحريف منالناسخ لأنه لا معنى ليمنعه هنا.