و قد علمتم أنه ليس أحد من بني هاشم يشدّبمثل فضلنا، و لا يفخر بمثل قديمنا وحديثنا و نسبنا و نسيبنا، و إنّا بنو بنتهفاطمة في الإسلام من بينكم فإنّا أوسط بنيهاشم نسبا و خيرهم أمّا و أبا، لم تلدنيالعجم و لم تعرف في أمّهات الأولاد، و أنّالله عزّ و جلّ لم يزل يختار لنا، فولدنيمن النبيّين أفضلهم محمد صلّى الله عليهوسلّم، و من أصحابه أقدمهم إسلاما وأوسعهم علما و أكثرهم جهادا عليّ بن أبيطالب، و من نسائه أفضلهنّ خديجة بنت خويلدأوّل من آمن باللَّه و صلى إلى القبلة، ومن بناته أفضلهن و سيدة نساء أهل الجنة، ومن المتولدين في الإسلام سيّدا شباب أهلالجنة، ثم قد علمت أن هاشما ولد عليّامرتين من قبل جدّي الحسن و الحسين فما زالالله يختار لي حتى اختار لي في معنى النار،فولدني أرفع الناس درجة في الجنّة و أهونأهل النار عذابا يوم القيامة، فأنا ابنخير الأخيار و ابن خير الأشرار و ابن خيرأهل الجنّة و ابن خير أهل النار. و لك عهدالله إن دخلت في بيعتي أن أؤمّنك على نفسكو ولدك، و كل ما أصبته إلّا حدّا من حدودالله أو حقّا لمسلم أو معاهد فقد علمت مايلزمك في ذلك فأنا أوفى بالعهد منك و أحرىبقبول الأمان منك. فأمّا أمانك الّذي عرضتعليّ فهو أيّ الأمانات هي؟ أ أمان ابنهبيرة أم أمان عمّك عبد الله بن عليّ أمأمان أبي مسلم؟ و السلام. (فأجابه المنصور)بعد البسملة: من عبد الله أمير المؤمنينإلى محمد بن عبد الله! فقد أتاني كتابك وبلغني كلامك، فإذا جلّ فخرك بالنساء لتضلّبه الحفاة و الغوغاء، و لم يجعل اللهالنساء كالعمومة، و لا الآباء كالعصبة والأولياء، و قد جعل الله العمّ أبا و بدأبه على الولد فقال جلّ ثناؤه عن نبيّه عليهالسلام: و اتّبعت ملّة آبائي إبراهيم وإسماعيل و إسحاق و يعقوب. و لقد علمت أنّالله تبارك و تعالى بعث محمدا صلّى اللهعليه وسلّم و عمومته أربعة، فأجابه اثنانأحدهما أبي و كفر به اثنان أحدهما أبوك. وأمّا ما ذكرت من النساء و قراباتهنّ فلوأعطى على قرب الأنساب و حق الأحساب لكانالخير كلّه لآمنة بنت وهب، و لكنّ اللهيختار لدينه من يشاء من خلقه. و أمّا ماذكرت من فاطمة أمّ أبي طالب فإنّ الله لميهد أحدا من ولدها إلى الإسلام، و لو فعللكان عبد الله بن عبد المطلب أولاهم بكلخير في الآخرة و الأولى، و أسعدهم بدخولالجنّة غدا. و لكن الله أبى ذلك فقال:إِنَّكَ لا تَهْدِي من أَحْبَبْتَ، وَلكِنَّ الله يَهْدِي من يَشاءُ 28: 56. و أمّاما ذكرت من فاطمة بنت أسد أمّ علي بن أبيطالب، و فاطمة أمّ الحسين و أنّ هاشما ولدعليّا