تاریخ ابن خلدون

عبدالرحمان بن محمد ابن خلدون

جلد 4 -صفحه : 696/ 58
نمايش فراداده

قبله، و طرد عمّال بني أمية من سائرالمغرب. و انقلب الى القيروان ظافراعزيزا، و ضم تاهرت إلى زيري بن مناد. و قدمبالفاطميين و بأحمد بن بكر و بمحمد بنواسول أسيرين في قفصين، و دخل بهما إلىالمنصورية في يوم مشهود. و كانت ولايةالمغرب و المشرق منقسمة بين مولييه قيصر ومظفّر، و كانا متغلبين على دولته فقبضعليهما سنة تسع و أربعين و قتلهما. و في سنةخمسين كان تغلّب النصارى على جزيرةاقريطش، و كان بها أهل الأندلس من جاليةالحكم بن هشام بسبب ثورة الرفض، ففر بهمإلى الإسكندريّة فثاروا بها، و عبد اللهبن طاهر يومئذ عامل مصر فحاصرهمبالإسكندرية حتى نزلوا على الأمان، و أنيجيزوا البحر إلى جزيرة أقريطش فعمّروها ونزلوها منذ تلك الأيام، و أميرها أبو حفصالبلّوطي منهم، و استبدّ بها و ورث بنوهرياسة فيها إلى أن نازلهم النصارى في هذهالسنة في سبعمائة مركب، و اقتحموها عليهمعنوة، و قتلوا منهم و أسروا، و بقيت فيايدي النصارى لهذا العهد و الله غالب علىأمره. و افتتح صاحب صقلّيّة سنة إحدى وخمسين قلعة طرمين، من حصون صقلّيّة بعدحصار طويل أجهدهم فنزلوا على حكم صاحبصقلّيّة بعد تسعة أشهر و نصف للحصار، وأسكن المسلمين بالقلعة و سمّاها المعزيّةنسبة إلى المعزّ صاحب إفريقية. ثم سار صاحبصقلّيّة بعدها و هو أحمد بن الحسن ابن عليبن أبي الحسن إلى حصار رمطة من قلاعصقلّيّة فاستمدوا ملكهم صاحبالقسطنطينيّة، فجهّز لهم العساكر برا وبحرا، و استمد صاحب صقلّيّة المعزّ فامدّهبالعساكر مع ابنه الحسن، و وصل مدده إلىمدينة ميسنى، و ساروا بجموعهم إلى رمطة، وكان على حصارها الحسن بن عمار فحمل عسكراعلى رمطة و زحف إلى عسكر الروم مستميتافقاتلهم فقتل أمير الروم و جماعة منالبطارقة و هزموا أقبح هزيمة، و اعترضهمخندق فسقطوا فيه، و أثخن المسلمون. فيهم وغنموا عسكرهم. و اشتدّ الحصار على أهل رمطةو عدموا الأقوات فاقتحمها المسلمون عنوة،و ركب فلّ الروم البحر يطلبون النجاة،فأتبعهم الأمير أحمد بن الحسن في أسطولهفأدركهم و سبح بعض المسلمين في الماءفخرّق مراكبهم و انهزموا، و بث أحمد سراياالمسلمين في مدائن الروم فغنموا منها وعاثوا فيها حتى صالحوهم على الجزية، وكانت هذه الواقعة سنة أربع و خمسين و تسمّىوقعة المجاز.