و الفساد و التضييق، استقدم بدر الجماليلولاية الأمور بالحضرة، فاستأذن فيالاستكثار من الجند لقهر من تغلّب من جندمصر فأذن له في ذلك، و ركب البحر من عكا فيعشرة مراكب، و معه جند كثيف من الأرمن وغيرهم، فوصل الى مصر، و حضر عند الخليفةفولّاه ما وراء بابه، و خلع عليه بالعقدالمنظوم بالجوهر مكان الطوق، و لقّبهبالسيد الأجلّ أمير الجيوش، مثل واليدمشق. و أضيف إلى ذلك كافل قضاة المسلمين،و داعي دعاة المؤمنين، و رتّب الوزارة وزاده سيفه (1) و ردّ الأمور كلّها إليه، ومنه إلى الخليفة. و عاهده الخليفة على ذلك،و جعل إليه ولاية الدعاة و القضاء، و كانمبالغا في مذهب الإمامية، فقام بالأمور واستردّ ما كان تغلّب عليه أهل النواحي مثلابن عمّار بطرابلس و ابن معرف بعسقلان وبني عقيل بصور. ثم استرد من القوّاد والأمراء بمصر جميع ما أخذوه أيام الفتنةمن المستنصر من الأموال و الأمتعة. و سارإلى دمياط و قد تغلّب عليها جماعة منالمفسدين من العرب و غيرهم، فأثخن فيلواتة بالقتل و النهب في الرجال و النساء وسبى نساءهم و غنم خيولهم. ثم سار إلى جهينةو قد ثاروا و معهم قوم من بني جعفر فلقيهمعلى طرخ العليا سنة تسع و ستين فهزمهم وأثخن فيهم و غنم أموالهم. ثم سار إلى أسوانو قد تغلّب عليها كنز الدولة محمد فقتله وملكها، و أحسن إلى الرعايا و نظّم حالهم وأسقط عنهم الخراج ثلاث سنين، و عادتالدولة إلى أحسن ما كانت عليه.
كان السلجوقية و عساكرهم من الغزّ قداستولوا في هذا العصر على خراسان والعراقين و بغداد، و ملكهم طغرلبك، وانتشرت عساكرهم في سائر الأقطار، و زحفاتسز
(1) اي زاده على الوزارة حمل السيف.