والكتابة: في الأصل حيلة، والكاتب محتال.وإن رأى أنّه رديء الخط، فإنّه يتوبويترك الحيل على الناس. ويتوب. ومن رأىأنّه يقرأ وجه صحيفة، فإنّه يرث ميراثاً.فإن قرأ ظهرها، فإنّه يجتمع عليه دين،لقوله تعالى: "إقْرَا كِتَابَكَ كَفَىبِنَفْسِكَ اليَومَ عَلَيْكَ حَسِيبا".فإن رأى أنّه يقرأ كتابِاً وكان حاذقاً فيقراءته، فإنّه يلي ولاية إن كان أهلاًلها، أو يتجر تجارة إن كان تاجراً بقدرحذقه فيه. فإن رأى أنّه يقرأ كتّاب نفسه،فإنّه يتوب إلى الله من ذنوبه لقوله عزّوجلّ: "واكْتُبْ لَنَا في هَذِهالدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَة".
ومن رأى كأنّه كتب عليه صك، فإنّه يؤمربأن يحتجم. فإن كتب عليه كتاب ولا يدري مافي الكتاب، فإنّه قد فرض الله عليه فرضاًوهو يتوانى فيه، لقوله تعالى:"وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيَها". فإن رأىأنّه يكتب عليه كتاب، فإن عرف الكاتب فإنهيغشه ويضله ويفتنه في دينه لقوله تعالى:"كتبَ عَلَيْهِ أنّهُ مَنْ تَولاهُ ".
والاصطرلاب: خادم الرؤساء وإنسان متصلبالسلطان، فمن رأى أنّه أصاب اصطرلاباً،فإنّه يصحب إنساناً كذلك وينتفع به علىقدر ما رأى في المنام، وربما كان متغيراًبالأمر، ليست له عزيمة صحيحة ولا وفاء ولامروأة.
الشاعر: رجل غاو يقول ما لا يفعل، والشعرقول الزور، ومن رأى أنّه يقول الشعرويبتغي به كسباً، فإنّه يشهد بالزور، فإنرأى أنّه قرأ قصيدة في مجلس، فإنه حكمةتميل إلى النفاق، فإن سمع الشعر فإنّهيحضر مجالس يمال فيها الباطل، ومن رأىكأنه أعجمي فصار فصيحاً، فإنّه شرف وعز أوملك، حتى لا يكون له فيه نظير إن كانوالياً. وإن كان تاجراً فإنّه يكونمذكوراً في الدنيا وكذلك في كل حرفة.
ومن رأى أنّه يتكلم بكل لسان، فإنّه يملكأمراً كبيراً من الدنيا ويعز، لقوله تعالىحكاية عن يوسف: "إني حَفِيظٌ عَلِيمٌ". يعنيبكل لسان. والكاتب ذو حيلة وصناعة لطيفةمثل الإسكافي، والقلم كالأشفى والإبرة.والمداد كالشيء الذي يحزم به من خيوطوسيور. وكالحجام وقلمه مشرطته، ومدادهدمه، وكالرقام والرفاء ونحوهما. وربما دلعلى الحراث، والقلم كالسكة، والمدادكالبذر.
فمن حدث عليه حادثة مع كاتب مجهول، تعرفتلك الصفة ماذا تدل عليه، ثم أضفها إلى منتليق به، أومن هو في اليقظة في أمر حال فيهممن ينصرف الكاتب إليه، كالذي يقول رأيتكأنّي مررت بكاتب فدفع إليّ كتاباً أوكتابين أو ثلاثة وكان فيها دين لي أو علي،فأخذتها منه ومضيت، فانظر إلى حالهويقظته، فإن كان له نعل أو خف عند خراز وقدمطله أو هم بشرائه، فهو ذلك. وأشبه ما بهذاالوجه أن يأخذ منه رقعتين أو كتابين. وإنكان قد أضر الدم به أو هم بالحجامة أوأحتجم قبل تلك الليلة، فهو ذاك. وأشبه مابهذا المكان أن تكون الرقاع ثلاثة إن كانممن يحتجم كذلك. فإن كان له ثوب عند مطرز أوصانع ديباجي، فهو ذاك. وإن كان له سلم عندحراث، أخذ منه ما كان له. وإلا قدمت إليهأخبار ووردت عليه أمور، فإن كانت الكتبمطوية فهي أخبار مخفية، وإن كانت منشورةفهي أخبار ظاهرة.
والكاتب: إذا رأى أنّه أُمي لا يحسنالكتابة، فإنّه يفتقر إن كان غنياً، أويجن إن كان عاقلاً، أو يلحد إن كان مذنباً،أو يعجز إذا كان ذا حيلة. وإذا رأى الأميأنّه يحسن الكتابة، فإنّه في كرب وسيلهمهالله تعالى سبباً يتخلص به من كربه،وتمزيق الكتاب ذهاب الحزن والغم.