امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 534/ 103
نمايش فراداده

كقوله تعالى: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِالْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِيقُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْمُرْجِفُونَفِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَبِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيهاإِلَّا قَلِيلًا. مَلْعُونِينَ أَيْنَماثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُواتَقْتِيلًا «1».

مثل هذه الآيات كانت تنزل كالرعد و البرقعلى المنافقين، و تتركهم في خوف و ذعر وحيرة في المدينة، و تضعهم أمام خطرالإبادة أو الإخراج من المدينة كلّ حين.

هذه الآيات- و إن كانت تتحدث عن المنافقينفي عصر نزول الوحي- تمتد لتشمل كلّالمنافقين في التاريخ، لإن خطّ النفاق يقفدوما بوجه الخط الثوري الصادق الصحيح. ونحن نرى بأعيننا اليوم مدى انطباق مايقوله القرآن على منافقي عصرنا بدقّة. نرىحيرتهم و خوفه و اضطرابهم، و نرى تعاستهم وبؤسهم و انفضاحهم تماما مثل تلك المجموعةالمسافرة الهائمة في صحراء مقفرة و فيليلة ظلماء موحشة.

أما بشأن الفرق بين المثالين فثمةتفسيران:

الأوّل: إنّ قوله تعالى: مَثَلُهُمْكَمَثَلِ الَّذِي ... يصور حالة المنافقينالذين انخرطوا في صفوف المؤمنين عن اعتقادحقيقي، ثم تزعزعوا و اتّجهوا نحو النفاق.أما قوله: كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ ...فيمثل حالة المنافقين الذين كانوا منذالبداية في صف النفاق، و لم يؤمنوا باللّهقط.

الثّاني: أن المثال الأول يتحدث عن حالةالأفراد، و لذلك يقول: مَثَلُهُمْكَمَثَلِ و الثاني يجسّد وضع الأجواءالمخيفة المرعبة الخطرة التي تحدق بهؤلاءالمنافقين، و من هنا جاء التشبيه بالجوّالمظلم الممطر الملي‏ء بالخوف و الذعر والاضطراب.

1- الأحزاب، 60- 61.