الصحيح، و يتجنب مزالق الشيطان و أهواءالنفس، و يستجيب لداعي اللّه.
هذه القوى الفطرية يعبّر عنها القرآنبالعهد الإلهي، و هو في الحقيقة «عهدتكويني» لا تشريعي أو قانوني. يقول تعالى:أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِيآدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَإِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَ أَنِاعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ؟!«1».
و واضح أنّ الآية تشير إلى فطرة التوحيدالعبودية و الميل إلى الاتجاه نحو التكاملفي النفس الإنسانية.
الدليل الآخر على هذا الاتجاه في فهمالعهد الإلهي،
ما جاء في أول خطب نهج البلاغة عن أميرالمؤمنين علي عليه السّلام: حيث قال: «فبعثفيهم رسله و واتر إليهم أنبياءه،ليستأدوهم ميثاق فطرته».
بتعبير آخر: كل موهبة يمنحها اللّهللإنسان يصحبها عهد طبيعي بين اللّه والإنسان، موهبة العين يصحبها عهد يفرض علىالإنسان أى يرى الحقائق، و موهبة الاذنتنطوي على عهد مدوّن في ذات الخلقة يفرضالاستماع إلى نداء الحق ... و بهذا يكونالإنسان قد نقض العهد متى ما غفل عناستثمار القوى الفطرية المودعة في نفسه،أو استخدم الطاقات الموهبة له في مسيرمنحرف.
الفاسقون، ينقضون بعض هذه العهود الفطريةالإلهية، أو جميعها.
2- الصفة الاخرى لهؤلاء الفاسقين هي أنهم... يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِأَنْ يُوصَلَ ....
أكثر المفسرين ذهبوا إلى أن القطعالمذكور في الآية يعني قطع الرحم، لكنمفهوم الآية- في نظرة أعمق- أعم من ذلك، وما قطع الرحم إلّا أحد مصاديقها، لأنالآية تتحدث عن قطع الفاسقين لكل ارتباطأمر اللّه به أن يوصل، بما في ذلك رابطةالرحم، رابطة الصداقة، و الروابطالاجتماعية، و الرابطة بهداة البشريةإلى
1- يس، 60 و 61.