عن أبي العباس قال: سألت الإمام الصادقعليه السّلام عن قول اللّه: و علّم آدمالأسماء كلها، ماذا علّمه؟ قال: «الأرضينو الجبال و الشعاب و الأودية ثم نظر إلىبساط تحته فقال: و هذا البساط ممّا علّمه»«1».
علم الأسماء إذن لم يكن يشبه «علمالمفردات»، بل كان يرتبط بفلسفة الأسماء وأسرارها و كيفياتها و خواصها. و اللّهسبحانه منح آدم هذا العلم ليستطيع أنيستثمر المواهب المادية و المعنوية فيالكون على طريق تكامله.
كما منح اللّه آدم قابلية التسمية،ليستطيع أن يضع للأشياء أسماء، و بذلكيتحدث عن هذه الأشياء بذكر اسمها لابإحضار عينها. و هذه نعمة كبرى، نفهمها لوعرفنا أن علوم البشرية تنقل عن طريق الكتبو المدوّنات. و ما كان هذا التدوين مقدورالو لا وضع الأسماء للأشياء و خواصها.
ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِفَقالَ: أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِإِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ...
و أمام هذا الاختبار تراجع الملائكةلأنهم لم يملكوا هذه القدرة العلمية التيمنحها اللّه لآدم، قالُوا: سُبْحانَكَ لاعِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَناإِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ.
و هكذا أدركت الملائكة تلك القدرة التييحملها آدم، التي تجعله لائقا لخلافةاللّه على الأرض. و فهمت مكانة هذا الكائنفي الوجود.
و حان الدور لآدم كي يشرح أسماء الموجوداتو أسرارها أمام الملائكة:
قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْبِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْبِأَسْمائِهِمْ قالَ أَ لَمْ أَقُلْلَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَالسَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَعْلَمُ ماتُبْدُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ.
و هنا اتضح للملائكة أن هذا الموجود هووحده اللائق لاستخلاف الأرض.
عبارة ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ إشارة إلىأن الملائكة كانوا يخفون شيئا لم
1- الميزان، ج 1، ص 119.