لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِاتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً «1»،و المقصود من هذا العهد الإيمان باللّه ورسوله.
و يتحدث القرآن عن سلب صلاحية الاستشفاععن بعض الأفراد مثل المجرمين، كقولهتعالى: ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ «2».
ممّا تقدم يتضح أن اتخاذ العهد الإلهي، والوصول إلى منزلة نيل رضا اللّه، و اجتناببعض الذنوب مثل الظلم، شروط حتميةللشفاعة.
آيات الشفاعة تصرح أن مسألة الشفاعة فيمفهوم الإسلام مقيدة بشروط، هذه الشروطتحدد تارة الخطيئة التي يستشفع المذنبلها، و تحدّد تارة اخرى الشخص المشفوع له،كما تقيد من جهة اخرى الشفيع، و هذه الشروطبمجموعها تكشف عن المفهوم الحقيقيللشفاعة و عن فلسفتها.
ثمة ذنوب كالظلم مثلا خارجة عن دائرةالشفاعة حيث يقول القرآن مالِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لاشَفِيعٍ يُطاعُ كما مرّ، و لو فهمنا«الظلم» بمعناه الواسع- كما سنرى من خلالالأحاديث- فان الشفاعة تقتصر حينئذ علىالمجرمين النادمين السائرين على طريقإصلاح أنفهسم، و الشفاعة في هذه الحالةستكون دعامة للتوبة و للندم (سنجيب أولئكالذين يتصورون أن التائب النادم لا يحتاجإلى الشفاعة).
كما أن الشفاعة- و طبقا للآية 28 من سورةالأنبياء- لا تشمل إلّا أولئك المرتقينإلى درجة «الارتضاء» و إلى درجة الالتزامبالعهد الإلهي كما مرّ أيضا في الآية 87 منسورة مريم.
1- مريم، 87. 2- غافر، 18.