امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 534/ 261
نمايش فراداده

الانحراف و يؤدي إلى أضرار، و من ذلك مانراه في هذه القصة.

بنو إسرائيل أمروا أن يذبحوا بقرة. و كانبإمكانهم أن يذبحوا أيّة بقرة شاؤوا، لأنالأمر الإلهي لم يحدّد شكل البقرة ونوعها، و لو أراد اللّه بقرة بعينها لحدّدمواصفاتها حين الأمر. لكن اللّه أمرهم أنيذبحوا «بقرة» و صيغة التنكير تدل على عدمإرادة التحديد.

هؤلاء المعاندون أبوا إلّا أن يطرحواأسئلة متكررة، أملا في تضييع الحقيقة وإخفاء القاتل، و بقوا يصرون على ترددهم فيالذبح حتى النهاية، و هذا ما تشير إليهعبارة: فَذَبَحُوها وَ ما كادُوايَفْعَلُونَ.

و في الآيات ما يشير إلى أن مجموعة من بنيإسرائيل- على الأقل- كانت تعرف القاتل، وقد يكون القتل قد تمّ بمؤامرة بين هؤلاءالأفراد، لكنهم كانوا يكتمون الأمر، ولهذا يقول سبحانه: وَ اللَّهُ مُخْرِجٌ ماكُنْتُمْ تَكْتُمُونَ.

أضف إلى ما سبق أنّ أهل العناد و اللجاجيكثرون دائما من الجدل و الإحتجاج على كلشي‏ء.

و ثمة قرائن في الآيات توضح أن هؤلاءالقوم لم تكن لهم معرفة كاملة باللّه و لابالنبي المرسل إليهم، لذلك قالوا له بعدكل أسئلتهم: الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ، وكأنّ ما جاء به حتى ذلك الوقت كان باطلا!! والملاحظ أن اللّه سبحانه ضيّق عليهم دائرةالانتخاب، و اشتد بذلك عليهم التكليفكلّما زادوا في أسئلتهم، لأنهم مستحقونلمثل هذا العقاب. و لذلك نرى في الأثر حثّعلى السكوت عمّا سكتت عنه تعاليم السماءففي ذلك حكمة.

عن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم:«أنّهم أمروا بأدنى بقرة و لكنّهم لمّاشدّدوا على أنفسهم شدّد اللّه عليهم» «1».

1- مجمع البيان، في تفسير الآية المذكورة.