امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 534/ 310
نمايش فراداده

بحوث‏

1- قصّة هاروت و ماروت‏

كثر الحديث بين أصحاب القصص و الأساطير عنهذين الملكين، و اختلطت الخرافة بالحقيقةبشأنهما، حتى ما عاد بالإمكان استخلاصالحقائق مما كتب بشأن هذه الحادثةالتاريخية، و يظهر أن أصح ما قيل بهذاالشأن و أقربه إلى الموازين العقلية والتاريخية و الأحاديث الشريفة هو ما يلي:

شاع السحر في أرض بابل و أدّى إلى إحراجالنّاس و ازعاجهم، فبعث اللّه ملكين بصورةالبشر، و أمرهما أن يعلما النّاس طريقةإحباط مفعول السحر، ليتخلصوا من شرّالسحرة.

كان الملكان مضطرين لتعليم النّاس اصولالسحر، باعتبارها مقدمة لتعليم طريقةإحباط السحر. و استغلت مجموعة هذه الأصول،فانخرطت في زمرة الساحرين، و أصبحت مصدرأذى للناس.

الملكان حذرا النّاس- حين التعليم- منالوقوع في الفتنة، و من السقوط في حضيضالكفر بعد التعلم، لكن هذا التحذير لميؤثّر في مجموعة منهم «1».

و هذا الذي ذكرناه ينسجم مع العقل والمنطق، و تؤيده أحاديث أئمّة آل البيتعليهم السّلام منها ما ورد في كتاب عيونأخبار الرضا (و قد أورده في أحد طرقه عنالإمام الرضا عليه السّلام في طريق آخر عنالامام الحسن العسكري عليه السّلام) «2».

أمّا ما تتحدث عنه بعض كتب التاريخ ودوائر المعارف بهذا الشأن فمشوببالخرافات و الأساطير، و بعيد كل البعدعمّا ذكره القرآن، من ذاك مثلا أن الملكينأرسلا إلى الأرض ليثبت لهما سهولة سقوطهمافي الذنب إن كانا مكان البشر، فنزلا وارتكبا أنواع الآثام و الذنوب و الكبائر!!و النص القرآني بعيد عن هذه الأساطير

1- مجمع البيان، في تفسير الآية المذكورة.الوسائل، ج 12، ص 106- 107.

2- نفس المصدر.