امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 534/ 349
نمايش فراداده

لو أن هؤلاء يستهدفون حقا إدراك الحقيقة،ففي هذه الآيات النازلة على رسول اللّهصلّى الله عليه وآله وسلّم دلالة واضحةبينة على صدق أقواله، فما الداعي إلى نزولآية مستقلة على كل واحد من الأفراد؟! و مامعنى الإصرار على أن يكلمهم اللّهمباشرة؟! مثل هذا الطلب تذكره الآية 52 منسورة المدثر: بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍمِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى‏ صُحُفاًمُنَشَّرَةً.

مثل هذا الطلب لا يمكن أن يتحقق، لأنتحققه- إضافة إلى عدم ضرورته- مخالف لحكمةالباري سبحانه، لما يلي:

أوّلا: إثبات صدق الأنبياء للناس كافة أمرممكن عن طريق الآيات التي تنزل عليهم.

ثانيا: لا يمكن للآيات و المعاجز أن تنزلعلى أي فرد من الأفراد، فذلك يتطلب نوعا مناللياقة و الاستعداد و الطّهارة الرّوحية.فالأسلاك الكهربائية تتحمل من التيّار مايتناسب مع ضخامتها. الأسلاك الرقيقة لاتتحمل التّيار العالي، و لا يمكن أنتتساوى بالأسلاك الضخمة القادرة علىتوصيل التّيارات العالية.

و المهندس يفرّق بين الأسلاك التي تستقبلالتّيارات العالية من المولدات مباشرة، والأسلاك التي تنقل التيّار الواطئ داخلالبيوت.

الآية التالية تخاطب النّبي صلّى اللهعليه وآله وسلّم، و تبين موقفه من الطلباتالمذكورة و تقول:

إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّبَشِيراً وَ نَذِيراً.

فمسؤولية الرّسول بيان الأحكام الإلهية،و تقديم المعاجز، و توضيح الحقائق، و هذهالدعوة ينبغي أن تقترن بتبشير المهتدين وإنذار العاصين و هذه مسئوليتك أيّهاالرّسول، و أما الفئة التي لا تذعن للحقبعد كل هذه الآيات فأنت غير مسئول عنها: وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ.