امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 534/ 449
نمايش فراداده

بمخاطبيها، بل تبين حكما عاما بشأن كاتميالحق.

الآية الكريمة تتحدث عن هؤلاء بشدّة وتقول: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ماأَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى‏ مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُلِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ، أُولئِكَيَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُاللَّاعِنُونَ.

فاللّه سبحانه و عباده الصالحون وملائكته المقربون يلعنون من يكتم الحق، وبعبارة اخرى، كل أنصار الحق يغضبون على منكتم الحق. و أية خيانة للعالم أكبر منمحاولة العلماء كتمان آيات اللّه المودعةعندهم من أجل مصالحهم الشخصية و لتضليلالنّاس.

و عبارة مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُلِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ إشارة إلى أنهؤلاء الأفراد يصادرون في الواقع جهودالأنبياء و تضحيات أولياء اللّهالصالحين، و هو ذنب عظيم.

و الفعل (يلعن) تكرر في الآية للتأكيد، واستعمل بصيغة المضارع لبيان استمراراللعن، و من هنا فإنّ لعنة اللّه و لعنةاللاعنين تلاحق هؤلاء الكاتمين لآياتاللّه باستمرار، و ذلك أقسى صور العقاب.

«البينات» و «الهدى» لهما معنى واسع يشملكل وسائل الهداية و التوعية و الإيقاظ وإنقاذ النّاس.

و لما كان القرآن كتاب هداية، فإنه لايغلق منافذ الأمل و التوبة أمام الأفراد،و لا يقطع أملهم في العودة مهما ارتكسوا فيالذبوب، لذلك تبين الآية التالية طريقالنجاة من هذا الذنب الكبير و تقول: إِلَّاالَّذِينَ تابُوا وَ أَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُعَلَيْهِمْ وَ أَنَا التَّوَّابُالرَّحِيمُ.

عبارة أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُجاءت بعد عبارة فَأُولئِكَ أَتُوبُعَلَيْهِمْ للدلالة على كثرة محبة اللّه،و سبق عطفه على عباده التائبين. فيقولسبحانه لهؤلاء: إن تبتم، أي عدتم إلى نشرالحقائق، فأنا أعود أيضا إلى إغداق الرحمةو المواهب‏