امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 534/ 80
نمايش فراداده

كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّقَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ «1» و يقولأيضا: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَإِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُعَلى‏ عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى‏ سَمْعِهِوَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى‏ بَصَرِهِغِشاوَةً «2».

كل هذه الآيات تقرر أنّ السبب في سلب قدرةالتشخيص، و توقف أجهزة الإدراك عن العمليعود إلى الكفر و التكبر و التجبر و اتباعالهوى و اللجاج و العناد أمام الحق، هذهالحالة التي تصيب الإنسان، هي في الحقيقةردّ فعل لأعمال الإنسان نفسه.

من المظاهر الطبيعية في الموجود البشري،أن الإنسان لو تعوّد على انحراف و استأنسبه، يتخذ في المرحلة الاولى ماهية ال«حالة» ثمّ يتحول إلى «عادة» و بعدها يصبح«ملكة» و جزء من تكوين الإنسان حتى يبلغأحيانا درجة لا يستطيع الإنسان أن يتخلّىعنها أبدا. لكن الإنسان اختار طريقالانحراف هذا عن علم و وعي، و من هنا كان هوالمسؤول عن عواقب أعماله، دون أن يكون فيالمسألة جبر. تماما مثل شخص فقأ عينيه وسدّ أذنيه عمدا، كي لا يسمع و لا يرى.

و لو رأينا أن الآيات تنسب الختم و إسدالالغشاوة إلى اللّه، فذلك لأن اللّه هوالذي منح الانحراف مثل هذه الخاصية. (تأمّلبدقّة).

عكس هذه الظاهرة مشهود أيضا في قوانينالطبيعة، أي إن الفرد السائر على طريقالطهر و التقوى و الاستقامة تمتد يد اللّهعز و جل إليه لتقوّي حاسّة تشخيصه و إدراكهو رؤيته، هذه الحقيقة توضحها الآيةالكريمة. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواإِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْفُرْقاناً «3».

في حياتنا اليومية صور عديدة لأفرادارتكبوا عملا محرّما، فتألموا في البدايةلما فعلوه و اعترفوا بذنبهم، لكنهماستأنسوا تدريجيا بفعلهم، و زالت من‏

1- المؤمن، 35.

2- الجاثية، 23.

3- الأنفال، 29.