امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 2 -صفحه : 780/ 258
نمايش فراداده

أديانهم بالقوّة و الإكراه جائزا فيالإسلام، لكان الأولى أن يجيز للأب ذلكلحمل ابنه على تغيير دينه، في حين أنّه لميعطه مثل هذا الحقّ.

و من هنا يتّضح أنّ هذه الآية لا تنحصربأهل الكتاب فقط كما ظنّ ذلك بعضالمفسّرين، و كذلك لم يمسخ حكم هذه الآيةكما ذهب إلى ذلك آخرون، بل أنّه حكم سار وعام و مطابق للمنطق و العقل.

ثمّ أنّ الآية الشريفة تقول كنتيجة لماتقدّم فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَبِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏ لَا انْفِصامَلَها.

(الطاغوت) صيغة مبالغة من طغيان، بمعنىالاعتداء و تجاوز الحدود، و يطلق على كلّما يتجاوز الحدّ. لذلك فالطاغوت هوالشيطان و الصنم و المعتدي و الحاكمالجبّار و المتكبّر، و كلّ معبود غيراللّه، و كلّ طريق لا ينتهي إلى اللّه. وهذه الكلمة تعني المفرد و تعني الجمع.

أمّا المقصود بالطاغوت، فالكلام كثير بينالمفسّرين. قال بعض إنّه الصنم، و قال بعضإنّه الشيطان، أو الكهنة، أو السحرة، ولكن الظاهر أنّ المقصود هو كلّ أولئك، بلقد تكون أشمل من كلّ ذلك، و تعني كلّ متعدّللحدود، و كلّ مذهب منحرف ضال.

إنّ الآية في الحقيقة تأييد للآياتالسابقة التي قالت أن لا إِكْراهَ فِيالدِّينِ، و ذلك لأنّ الدين يدعو إلىاللّه منبع الخير و البركة و كلّ سعادة،بينما يدعو الآخرون إلى الخراب و الانحرافو الفساد. على كلّ حال، إنّ التمسّكبالإيمان باللّه هو التمسّك بعروة النجاةالوثقى التي لا تنفصم.

وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

الإشارة في نهاية الآية إلى الحقيقةالقائلة إنّ الكفر و الإيمان ليسا منالأمور الظاهرية، لأنّ اللّه عالم بمايقوله الناس علانية- و في الخفاء- و كذلك هوعالم بما