امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 2 -صفحه : 780/ 281
نمايش فراداده

لكي يأتي جوابه موضحا الأمر، و مزيلا كلّالتباس قد يقع فيه البعض في تلك الحادثة،لذلك أجاب إبراهيم عليه السّلام بَلى‏ وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي.

يفهم من هذه الآية أيضا على أنّالاستدلالات العملية و المنطقية قد تؤدّيإلى اليقين و لكنها لا تؤدّي إلى اطمئنانالقلب، إنّها ترضي العقل لا القلب و لاالعواطف. إنّ ما يستطيع أن يرضي الطرفين هوالشهود العيني و المشاهد الحسيّة.

هذا موضوع مهمّ سوف نزيده إيضاحا فيموضعه.

التعبير بالاطمئنان القلبي يدلّ على أنالفكر قبل وصوله إلى مرحلة الشهود يكوندائما في حالة حركة و تقلّب و لكن إذا وصلمرحلة الشهود يسكن و يهدأ.

قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِفَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْعَلى‏ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً.

«صرهنّ» من «الصور» أي التقطيع، أوالميل، أو النداء، و معنى التقطيع أنسب.

أي خذ أربعة من الطير و اذبحهنّ و قطّعهنّو اخلطهنّ.

لقد كان المقصود أن يشاهد إبراهيم عليهالسّلام نموذجا من البعث و عودة الأمواتإلى الحياة بعد أن تلاشت أجسادها. و هذا لايأتلف مع أملهنّ و لا مع صح بهنّ و علىالأخصّ ما يأتي بعد ذلك ثُمَّ اجْعَلْعَلى‏ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً وهذا دليل على أنّ الطيور قد قطّعت أوّلا وصارت أجزاء. و لعلّ الذين قالوا إنّفَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ تعني استمالتهنّ وايناسهنّ قد غفلوا عن لفظة «جزءا» هذه، وكذلك الهدف من هذا العمل.

و بذلك قام إبراهيم بهذا العمل و عند مادعاهنّ تجمّعت أجزائهنّ المتناثرة وتركبّت من جديد و عادت إلى الحياة، و هذاالأمر أوضح لإبراهيم عليه السّلام أنّالمعاد يوم القيامة سيكون كذلك على شكلواسع و بمقياس كبير جدّا.

و يرى بعضهم أنّ كلمة (سعيّا) تعني أنّالطيور بعد أن عادت إليهنّ الحياة لميطرن، بل مشين مشيا إلى إبراهيم عليهالسّلام لئنّ السعي هو المشي السريع، وينقل عن‏