امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 3 -صفحه : 703/ 230
نمايش فراداده

بإخلاص يوجب الفقر الشَّيْطانُيَعِدُكُمُ الْفَقْرَ «1» و لهذا فإمّا أنيبخلوا و يمتنعوا عن الإنفاق و البذل (كماأشير إلى هذا في الآية السابقة) أو أنّهمينفقون إذا ضمن هذا الإنفاق مصالحهمالشخصية و عاد عليهم بفوائد شخصية (كماأشير إلى ذلك في الآية الحاضرة).

من هذه الآية يستفاد مدى ما للقرينالسي‏ء من الأثر في مصير الإنسان، ذلكالأثر الذي ربّما يبلغ في آخر المطاف إلىالسقوط الكامل.

كما يستفاد أنّ علاقة «المتكبرين» بـ«الشيطان و الأعمال الشيطانية» علاقةمستمرة و دائمة لا مؤقتة و لا مرحلية، ذلكلأنّهم اختاروا الشيطان قرينا و رفيقالأنفسهم.

و هنا يقول سبحانه و كأنّه يتأسف علىأحوال هذه الطائفة من الناس وَ ما ذاعَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ أَنْفَقُوا مِمَّارَزَقَهُمُ اللَّهُ ... أي شي‏ء عليهم لوتركوا هذا السلوك و عادوا إلى جادة الصوابو أنفقوا ممّا رزقهم اللّه من الخير والنعمة في سبيل اللّه، بإخلاص لا رياء، وكسبوا بذلك رضا اللّه، و تعرضوا للطفه وعنايته، و أحرزوا سعادة الدنيا و الآخرة؟

فلما ذا لا يفكر هؤلاء و لا يعيدون النظرفي سلوكهم؟ و لما ذا ترى يتركون طريق اللّهالأنفع و الأفضل و يختارون طريقا أخرى لاتنتج سوى الشقاء، و لا تنتهي بهم إلّا إلىالضرر و الخسران؟

و على كل حال فإنّ اللّه يعلم بأعمالهم ونواياهم و يجزيهم بما عملوا: وَ كانَاللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً.

و الجدير بالانتباه أنّ الإنفاق في الآيةالسابقة التي كان الحديث فيها حول الإنفاقمراءاة نسب إلى الأموال يُنْفِقُونَأَمْوالَهُمْ، و في هذه الآية نسب إلىمِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ، و هذاالتفاوت و الاختلاف في التعبير يمكن أنيكون إشارة إلى‏

1- البقرة، 268.