الآية الحاضرة- هي في الواقع- مكملة للآيةالسابقة، لأنّ الآية السابقة كانت تدعوالمؤمنين إلى طاعة اللّه و الرّسول و أوليالأمر، و التحاكم إلى الكتاب و السنة، وهذه الآية تنهي عن التحاكم إلى الطاغوت واتّباع أمره و حكمه.
و الطّاغوت- كما أشرنا إلى ذلك سابقا-مشتقّة من الطغيان، و هذه الكلمة مع جميعمشتقاتها تعني التجاوز و التعدي و كسرالحدود و تجاهل القيود، أو كل شيء يكونوسيلة للطغيان أو التمرّد.
و على هذا الأساس يكون كل من يحكم بالباطلطاغوتا، لأنّه تجاوز حدود اللّه و تعديعلى قوانين الحقّ و العدل،
ففي الحديث عن الإمام جعفر بن محمّدالصّادق عليه السّلام أنّه قال: «الطّاغوتكلّ من يتحاكم إليه ممن يحكم بغير الحقّ».
و الآية الحاضرة تنهى المسلمين عن أنيترافعوا في الحكم و القضاء إلى مثل هؤلاءالحكام و تقول: أَ لَمْ تَرَ إِلَىالَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْآمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ماأُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْيَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْأُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ.
ثمّ يضيف القرآن قائلا: وَ يُرِيدُالشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًابَعِيداً أي أنّ التحاكم إلى الطاغوت فخّالشيطان ليضل المؤمنين عن الصراطالمستقيم.
و غير خفي أن الآية الحاضرة- شأنها شأنسائر الآيات القرآنية الاخرى- تتضمّن حكماعاما، و تبيّن قانونا خالدا لجميعالمسلمين في جميع العصور و الدهور. وتحذرهم من مراجعة الطواغيت، و طلب الحكممنهم، و إنّ ذلك لا
1- تفسير المنار، ج 5، ص 222.