حَرَصْتُمْ و يتبيّن من عبارة وَ لَوْحَرَصْتُمْ هذه وجود أشخاص بين المسلمينكانوا يسعون كثيرا لتحقيق تلك العدالةالمطلوبة، و لعل سعيهم ذلك كان من أجلالحكم المطلق الذي طالب المسلمين باتّباعالعدل من زوجاتهم و الذي ورد في الآيةالثّالثة من سورة النساء، التي تقول: ...فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوافَواحِدَةً.
بديهي أنّ أي حكم سماوي لا يمكن أن ينزلعلى خلاف فطرة البشر، كما لا يمكن أن يكونتكليفا بما لا يطاق، و لمّا كانت العلاقاتالقلبية تنتج عن عوامل يكون بعضها خارجاعن إرادة الإنسان، لم يحكم اللّه بتحقيقالعدالة في مجال الحبّ القلبي بينالزوجات، أمّا فيما يخص الأعمال و أسلوبالتعامل و رعاية الحقوق بين الأزواج ممّايمكن للإنسان تحقيقه، فقد تمّ التأكيد علىتحقيق العدالة فيه.
و لكي لا يسيء الرجال استغلال هذاالحكم، طالبت الآية الرجال بأن لا يظهرواالميل الكامل لإحدى الزوجات إذا تعسرعليهم تحقيق المساواة في حبّهم لهنّجميعا، كي لا يضيع حق الأخريات و لا يحرنفي أمرهنّ ما ذا يفعلن! حيث تقول الآية:فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِفَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ ....
و تحذر الآية في آخرها أولئك الذين يجحفونفي حقّ زوجاتهم، و تطالبهم بأن يتبعواطريق الإصلاح و التقوى، و يعرضوا عمّا فاتفي الماضي، كي يشملهم اللّه برحمته وعفوه، فتقول الآية: وَ إِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراًرَحِيماً ....
لقد وردت روايات اشتملت على مواضيع تخصمسألة تحقيق العدالة بين الزّوجات، وتبيّن عظمة هذا الحكم و القانون الإسلامي.
من هذه الروايات ما
روي عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنينعليه السّلام أنّه كان له امرأتان، فكانإذا كان يوم واحدة لا يتوضأ في بيت الاخرى»«1».
1- تفسير التبيان، الجزء الثّالث، ص 350.