امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 3 -صفحه : 703/ 487
نمايش فراداده

إنّ هذا السلوك الحربائي في التلونالمتوالي، إمّا أن يكون نابعا من الجهل وعدم إدراك الأسس الإسلامية، و إمّا أنيكون خطّة نفّذها المنافقون و الكفارالمتطرفون من أهل الكتاب لزعزعة إيمانالمسلمين الحقيقيين، و قد سبق شرح هذاالموضوع في الآية (72) من سورة آل عمران.

و لا تدل الآية- موضوع البحث- على عدم قبولتوبة أمثال هؤلاء، و لكنها تتناول أفرادايموتون و هم في كفر شديد، فإنّ هؤلاء-نتيجة لأعمالهم- لا يستحقون العفو والهداية إلّا إذا غيروا اسلوبهم ذلك.

ثمّ تؤكّد الآية التالية نوع العذاب الذييستحقه هؤلاء فتقول: بَشِّرِالْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباًأَلِيماً.

و استخدام عبارة (بشر) في الآية إنّما جاءمن باب التهكم و الاستهزاء بالأفكارالخاوية الواهية التي يحملها هؤلاءالمنافقون، أو أنّ العبارة مشتقة منالمصدر «بشر» بمعنى الوجه، و في هذهالحالة تحتمل معاني واسعة فتشمل كل خبريؤثر في سحنة الإنسان، سواء كان الخبرمفرحا أو محزنا.

و قد أشارت الآية الأخيرة إلى المنافقينبأنّهم يتخذون الكفار أصدقاء و أحباء لهمبدلا من المؤمنين، بقولها: الَّذِينَيَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَمِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ.

ثمّ يأتي التساؤل في الآية عن هدف هؤلاءالمنافقين من صحبة الكافرين، و هل أنّهميريدون حقّا أن يكتسبوا الشرف و الفخر عبرهذه الصحبة؟ تقول الآية:

أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَبينما العزة و الشرف كلها للّه فَإِنَّالْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً لأنّها تنبعمن العلم و القدرة، و أن الكفار لا يمتلكونمن القوّة و العلم شيئا، و لذلك فإنّ علمهملا شي‏ء أيضا، و لا يستطيعون إنجاز شي‏ءلكي يصبحوا مصدرا للعزّة و الشرف.

إنّ هذه الآية- في الحقيقة- تحذيرللمسلمين بأن لا يلتمسوا الفخر و العزّة