بقولهم أنّهم هم الذين شجعوهم على قتالالمسلمين و عدم الاستسلام لهم، و يدعونبأنّهم شركاء في النصر الذي حققه أعداءالإسلام تقول الآية: وَ إِنْ كانَلِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَ لَمْنَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .... «1»
و على هذا المنوال تحاول هذه الفئةالمنافقة أن تستغل الفرصة لدى انتصارالمسلمين ليكون لهم نصيب من هذا النصر وسهم من الغنائم، و لإظهار المنّة علىالمسلمين، و في حالة انكسار المسلمين تظهرهذه الفئة الرضى و الفرح لدى الكفار، وتدفعهم إلى الإصرار على كفرهم و تتجسسلصالحهم، و تهيئ لهم أسباب الفوز المادي،فهم تارة رفاق الطريق مع الكفار، و تارةشركاؤهم في الجريمة، و هكذا يمضون حياتهمبالتلون و النفاق و اللعب على الحبالالمختلفة.
و لكن القرآن الكريم يوضح بعبارة واحدةمصير هؤلاء و نهايتهم السوداء، و يبيّنأنّهم- لا محالة- سيلاقون ذلك اليوم الذيتكشف فيه الحجب عن جرائمهم و يرفع النقابعن وجوههم الكريهة، و عند ذلك- أي في ذلكاليوم، و هو يوم القيامة- سيحكم اللّهبينهم و هو أحكم الحاكمين، فتقول الآية فيهذا المجال: فَاللَّهُ يَحْكُمُبَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ.
و لكي يطمئن القرآن المؤمنين الحقيقيينمن خطر هؤلاء، تؤكد هذه الآية- في آخرها-بأنّ اللّه لن يجعل للكافرين مجالاللانتصار أو التسلط على المسلمين، و ذلكحيث تقول الآية: وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُلِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَسَبِيلًا.
و هنا يرد هذا السؤال، و هو: هل أنّالعبارة الأخيرة تفيد عدم انتصار الكفارعلى المؤمنين من حيث المنطق، أو أنّهاتشمل عدم انتصار الكفار من الناحيةالعسكرية أيضا؟
و لما كانت كلمة «سبيل» نكرة جاءت في سياقالنفي و تؤدي معنى عاما،
1- إن عبارة «استحوذ» مشتقة من «حوذ» و هيتعني هنا دفع أو ساق إلى القيام بأمر معين.