الإذعان لنبوة نبي الإسلام صلّى اللهعليه وآله وسلّم في حين أنّ كتابيهمالسماويين قد أثبتا نبوة هؤلاء الأنبياء.
و هذا التمييز بين الحقائق الثابتة و قبولبعضها و رفض البعض الآخر، سببه أنّ هؤلاءكانوا يتبعون أهواءهم و نزواتهم و يسيرونوراء عصبياتهم الجاهلية، و ينبع أحيانا منحسد هؤلاء و نظرتهم الضيقة.
و هذا دليل عدم إيمان هؤلاء بالأنبياء وباللّه، لأنّ الإيمان ليس هو قبول ما طابقهوى النفس أو رفض ما يخالف الأهواء والميول، فهذه الحالة ما هي إلّا نوع منعبادة الهوى و لا صلة لها بالإيمان،فالإيمان الحقيقي هو ذلك الذي يدفعالإنسان إلى قبول الحقيقة- سواء طابقتهواه و ميوله أو خالفتهما- و لذلك فإنّالقرآن الكريم اعتبر الذين يزعمون أنّهميؤمنون باللّه و ببعض الأنبياء كفاراحقيقيين، و على هذا الأساس فإن مايتظاهرون به من إيمان لا حقيقة و لا قيمةله مطلقا، لأنّه لا ينبع من روح طلبالحقيقة.
و القرآن الكريم يهدد هؤلاء- و أمثالهم-بأنّهم يلقون الذل و الهوان، حيث تقولالآية: وَ أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَعَذاباً مُهِيناً و قد يكون وصف العذاب فيهذه الآية بـ «المهين» سببه أنّ هؤلاءبقبولهم بعض الأنبياء و رفضهم الإيمانبالبعض الآخر منهم، إنّما يوجّهونالإهانة بحق عدد من الأنبياء، لذلك يجب أنينال هؤلاء عذابا مهينا يتناسب و اهانتهمتلك.
و يجدر هنا توضيح أنّ العذاب قد يكونأليما أحيانا، مثل: الجلد و التعذيبالجسدي، و قد يكون مهينا كرش الشخصبالقاذورات، أو يكون العذاب عظيما كأنيكون العقاب أمام أعين الناس، و قد يكونأثره عميقا في نفس الإنسان يستمر معهلمدّة طويلة و يسمى هذا بالعذاب الشديد، وما إلى ذلك من أنواع العذاب.